بنوك

البنك المركزي : القطاع المصرفي المصري يتسم بالصلابة والقدرة على مواجهة الصدمات المختلفة

القاهرة-خاص-

أكد البنك المركزي المصري إن القطاع المصرفي المصري، المكون الأكبر للنظام المالي في مصر ، اتسم في العقدين الماضيين بالصلابة المالية والقدرة على مواجهة الصدمات المختلفة ، ومنها التبعات السلبية الناتجة عن التطورات الجيوسياسية والاقتصادية والمالية العالمية، والتي أدت إلى استمرار حالة عدم اليقين وارتفاع معدلات التضخم، وهو ما دفع العديد من البنوك المركزية لاتباع سياسة نقدية تقيدية، وما ترتب عليها من ارتفاع مخاطر السوق ، نتيجة خروج تدفقات رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة ، والضغط على أسعار صرف العملات المحلية، فضلا عن ارتفاع مخاطر الائتمان الناشئة عن الآثار غير المباشرة لارتفاع أسعار العائد، وقد أظهرت التطورات المصرفية العالمية الآثار السلبية لتلك الصدمات على الاستقرار المالي من خلال إخفاق بعض البنوك.

أضاف المركزي ، في تقرير حديث صادر عنه ، أنه إلى جانب ذلك تواجه الأنظمة المالية بعض المخاطر الأخرى الناشئة مثل مخاطر الأمن السيبرانى والمخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية.

أوضح أن القطاع المصرفي المصري استمر في تحقيق مؤشرات أداء مالية جيدة ، مع احتفاظه بمعدلات مرتفعة للملاءة المالية وللسيولة تفوق الحدود الرقابية المقررة ، مؤكدا أن القطاع استمر في ممارسة دوره الأساسي في الاقتصاد من خلال جذب الودائع المستقرة، وتوفير الإحتياجات التمويلية لكافة القطاعات الاقتصادية والشرائح المختلفة من العملاء ، من شركات ومنشآت متناهية الصغر وأفراد لدعم النمو الاقتصادي، مع الاستمرار في تمويل التجارة الخارجية وتوفير متطلبات الدولة من السلع الرئيسية ومستلزمات الإنتاج والسلع الأخرى.

وبحسب المركزي فقد تحقق ذلك نتيجة لعدة إجراءات تم اتخاذها ، ومنها الإلتزام بتطبيق أفضل الممارسات الدولية في مجال إدارة المخاطر ، حيث تم الإلتزام بالإطار الرقابي لمقررات بازل 2 و3 ، مما مكن القطاع من تحقيق مستويات مرتفعة من الملاءة المالية لمواجهة كافة المخاطر، والاحتفاظ بالدعامة التحوطية لضمان تغطية الخسائر التي قد تنشأ لدیھا خلال فترات الضغط أو الأزمات المالیة ، وبھدف الحفاظ على القاعدة الرأسمالية لھا، والمتطلبات الرأسمالية الإضافية للحد من مخاطر البنوك ذات الأهمية النظامية محليا ، ومخاطر التركز الفردى على مستوى كبار العملاء والتركز القطاعي، ومخاطر أسعار العائد للمراكز المحتفظ بها لغير أغراض المتاجرة.

تابع : “بجانب ذلك تم إصدار التعليمات لتطوير نظم الرقابة الداخلية وإرساء مفهوم الحوكمة، بالإضافة إلى إلزام البنوك باستخدام الأسلوب المعياري بدلا من أسلوب المؤشر الأساسي لقياس مخاطر التشغيل ، وذلك في إطار إصلاحات بازل 3 “مرحلة ما بعد الأزمة” ، حيث يجمع بين كل من مؤشر قائم على القوائم المالية للبنك والمتمثل في مؤشر الأعمال وخسائر التشغيل التاريخية للبنك ، مما ينتج عنه إطار أكثر حساسية للمخاطر ، لافتا إلى أنه يتم حاليا إعداد التعليمات الرقابية الخاصة بمختلف الموضوعات الأخرى وفقا لإصاحات بازل3 ، وبما يتماشى مع آخر المستجدات التي تطرأ في هذا الشأن”.

كما ألزم المركزي البنوك بإعداد خطط للتعافي ، بما يضمن جاهزيتها ورفع قدرتها على الإستجابة بشكل فعال لآية ضغوط اقتصادية أو مالية محتملة، وبالتالي تعزيز قدرة القطاع المصرفي ككل على التصدي للأزمات، حيث تتضمن الخطة مجموعة من الافتراضات لأحداث جسيمة قد تقع في النظام المصرفي أو على البنك، بما قد يؤثر على ملاءته المالية أو سيولته أو ربحيته، وكذا الإجراءات التصحيحية اللازمة لاستعادة سلامته المالية حال تحقق أي من تلك الافتراضات.

كما تم إصدار إطار عام ينظم عملية إتاحة السيولة الطارئة ، التي يقوم البنك المركزي من خلالها بدعم البنوك ومساندتها لمواجهة أزمات السيولة على المدى القصير ، بهدف احتواء الأزمات المحتملة والحد من تأثيرها، نظرا لما قد تمثله من تهديد لاستمرارية أعمال البنوك ، وما قد ينتج عنها من تأثير على المؤسسات المالية الأخرى ، بجانب إصدار عدة إجراءات لتنظيم سوق الصرف ، مثل تعديل ضوابط أحكام الرقابة على حصائل تصدير الذهب ، وضوابط استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم ، وتدبير العملة لأغراض السفر للخارج.

كما قام البنك المركزي بتعزيز الأمن السيبرانى ، من خلال إنشاء قطاع مستقل له ، بهدف إيلاء المزيد من العناية بالمخاطر السيرانية ، كما تم إطلاق أول مركز استجابة لطوارئ الحاسب الآلي للقطاع المصرفي، يمكن من خلاله الإبلاغ عن حوادث الأمن السيبراني التي تشكل تهديدًا لاستقرار القطاع.

أكد البنك المركزي قيامه بدوره الرقابي والإشرافي الفعال بالإضافة إلى استمرار في متابعة المخاطر النظامية، وتطبيق اختبارات الضغوط الكلية والجزئية بصورة دورية ، بهدف تقييم تأثير الأزمات والمخاطر المحتملة على الملاءة المالية والسيولة لدى البنوك، واتخاذ الإجراءات التصحيحية الضرورية للحد من تأثيرها على النظام المالي.

أكد المركزي أنه رغم التحديات التي يواجهها القطاع إلا أنه يتوقع استمرار تحسن أداءه ومستويات مؤشراته المالية ، مع تحسن الكفاءة في التعامل مع المخاطر المتنوعة ، وأن يستمر في الإستفادة من تطبيقات التكنولوجيا الرقمية ، بما يعزز الشمول المالي والإنتقال إلي المجتمع غير النقدي.

كما أكد البنك المركزي أنه مستمر في متابعة المستجدات المصرفية وإصدار التعليمات التنظيمية الخاصة بها وتطوير أدوات وآليات عملية الرقابة والإشراف ، لاستمرار الحفاظ على قوة ومتانة القطاع ، والإستفادة من تطبيق نظم الرقابة المبنية على التكنولوجيا RegTech في تحسين بيئة العمل الرقابي وكفاءة الرقابة على المخاطر ، وتوجيه البنوك للإستفادة منها في بناء نظم الإنذار المبكر وتقييم المخاطر والتقرير عنها، مما يساهم في الحفاظ على قوة ومتانة القطاع تعزيز الإستقرار المالي.

وأشار إلى استمرار النظام المالي المصري في أداء دوره الرئيسي في القيام بالوساطة المالية خلال النصف الأول من العام المالي 2023/2022 ، في ظل قدرة الاقتصاد المصري على استيعاب تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك بفضل قوة مقوماته وتنوع أنشطته، وكذلك مرونة القطاع المصرفي واستمرار ثقة المتعاملين معه ، بالإضافة إلى اتخاذ حزمة من السياسات الاقتصادية المناسبة، حيث قام البنك المركزي باستخدام أدوات السياسة النقدية بشكل سريــع ومتوازن لاحتواء الضغوط التضخمية دون الإضرار بالتعافي الاقتصادي.

أضاف أن القطاع المصرفي استمر في توفير التمويل اللازم لكافة الأنشطة الاقتصادية، وذلك مع تحقيقه لمؤشرات سلامة مالية جيدة متمثلة في مستوى مرتفع للملاءة المالية بنسبة 19% في ديسمبر 2022 مقارنة بمستوى 12.5% كحد رقابي مقرر من قبل البنك المركزي، إلى جانب استمرار انخفاض نسبة القروض غير المنتظمة إلي إجمالي القروض لتسجل 3.4% ، مع تغطية المخصصات لنسبة 91.6% من القروض غير المنتظمة، بالإضافة إلى تمتعه بمستوى مرتفع من السيولة بالعملة المحلية أو الأجنبية ، والتي تتجاوز النسب الرقابية للعملتين سواء وهي 20% و 25% علي التوالي، بالإضافة إلى استقرار مؤشر العائد على متوسط الأصول.

وبحسب المركزي فإن استقرار تلك المؤشرات يظهر قدرة القطاع المصرفي على مواجهة وامتصاص العديد من الصدمات في الآونة الأخيرة واحتواء تداعياتها.