مقالات رأي

إلى الامان … “لجنة حقوق الانسان فى البرلمان”

اللواء الدكتور محسن الفحام

جميعنا يتحدث حالياً عن ملف حقوق الانسان بحسبان ان ذلك الملف هو الورقة الوحيدة التى يمكن لآهل الشر إستثمارها للاساءة للدولة المصرية التى اصبحت تمثل المعادلة الصعبة فى المنطقة العربية بما لها من قوة وثبات سياسى واقتصادى وامنى وعسكرى.

وقد تلقفت قوى الشر تلك التصريحات التى ادلى بها الرئيس الامريكى المنتخب اثناء حملته الانتخابية باهتمامه بهذا الملف وراحت تروج الاكاذيب والشائعات حول انتهاك حقوق الانسان فى مصر من منطلق ان يكون ذلك مبررا لإعادة طرح تواجدهم على الساحة السياسية فى مصر كفصيل معارض للنظام فى مصر وليس كجماعة إرهابية .

وفى هذا الاطار فقد سارع بعض قيادات الجماعة لاكتساب هذا التعاطف مستندين الى ان الحزب الديمقراطى الامريكى الذى ينتمى اليه الرئيس الجديد سبق ان اظهر تأييداً لتلك الجماعة اوصلتها الى سدة الحكم فى مصر مستغلين فى ذلك حالة السيولة الامنية التى شهدتها البلاد خلال الفترة من 25 يناير 2011 الى ما بعدها ولولا يقظة الشعب المصرى ووعيه لاستمر حكم الاخوان وتعرضت الدولة لمخطط التقسيم الذى كان مرسوماً لها من قبل الادارة الامريكية فى هذا الوقت ….كما كان ايضاً إسراع قيادات تلك الجماعة فى تأييد الحكم الامريكى الجديد نتيجة لذلك القرار الذى اصدرته الخارجية الامريكية فى 15 يناير الماضى بإدراج حركة سواعد مصر المعروفة باسم “حركة حسم” على قوائم الارهاب وهى تلك الحركة التى تعتبر الذراع العسكرى لجماعة الاخوان فى مصر وقامت بإدراج قيادات تلك الحركة ومن بينهم يحيى السيد ابراهيم موسى وعلاء على على محمد السماحى على لائحة الارهابيين الدوليين….وهو الامر الذى أزعج قيادات الجماعة وجعلهم فى حالة حراك مستمر وسريع للتواصل مع مؤسسات صنع القرار الامريكى تحسباً من نجاح مساعى الدولة المصرية والمنظمات الحقوقية الوطنية فى اقناع الرأى العام العالمى بان جماعة الاخوان تعتبر تنظيماً ارهابياً دولياً ينتهج ايدلوجية العنف والتطرف ويغذى بها كل المنظمات الارهابية التى تنشر الخراب والارهاب فى الشرق الاوسط بل وفى دول العالم المختلفة.

ولعلنا نسمع ونرى حالياً ان بعض الاصوات الامريكية وكذلك من بعض الدول الاوروبية قد بدأت تنادى بالافراج عن المعتقلين فى السجون المصرية وان تشير ايضاً الى ذلك التأييد الذى أعلنه بعض الكونجرس الامريكى من دعم الاخوان المسلمين كفصيل سياسى فى الشرق الاوسط بل وتأييد ذلك الائتلاف الذى دعى اليه بعض الهاربين خارج البلاد أمثال ايمن نور وقيادات اخرى لتشكيل كيان معارض لنظام الحكم فى مصر….و كذلك تشكيل لجنة لمتابعة اوضاع حقوق الانسان فى مصر فى تدخل سافر وغير مقبول فى الشأن المصرى.
يأتى هذا فى الوقت الذى تحرص فيه مصر على التعاون مع الاليات الحقوقية الاممية حيث استجابت لمعظم التوصيات التى وجهت اليها خلال الية الاستعراض الدورى الشامل التابع لمجلس حقوق الانسان الدولى ولكنها فى ذات الوقت تعلن صراحة عن رفضها تسييس حقوق الانسان وتحويلها لمادة للتجاذب السياسى تبعد مبادئ تلك الحقوق عن مقاصدها و اهدافها.

نحن اليوم نتحدث عن ذلك الدور الذى يجب ان يقوم به البرلمان المصرى فى ثوبه الايجابى الجديد وتحديداً عن لجنة حقوق الانسان فى هذا البرلمان فعلى ضوء ضوء تلك المعطيات المشار اليها فإننى اعتقد ان تلك اللجنة سوف تكون هى الاهم فى الفصل التشريعى الاول لهذا البرلمان لانها سوف تواجه العام الاول للادارة الامريكية الجديدة حيث من المتوقع ان يكون هذا الملف من ضمن أولويات الرئيس الامريكى المنتخب كما وعد بذلك فى حملته الانتخابية….وبطبيعة الحال فانه ليس من المنطقى ان يكون جميع اعضاء تلك اللجنة على ذات الكفاءة او القدرة على مواجهة الادعاءات الزائفة التى يروجها اعداء الوطن حول هذا الملف كما ان إجادة اللغات الاجنبية لبعض الاعضاء قد لا تكون على درجة كافية من الإلمام الذى يترتب عليه توصيل الرسالة الصحيحة لهذا العالم بشكل مفهوم….ولكنه من المؤكد ان جميع اعضاء اللجنة بل واعضاء البرلمان على دراية كاملة بأهمية الدور المنوط بهم والمسئولية الملقاة على عاتقهم وانه ليس من العيب الاستعانة بكبار اساتذة الجامعات المتخصصين فى هذا الملف للمشاركة فى وضع الاسلوب الامثل لمواجهة اى محاولات للمساس بالسياسة الداخلية للبلاد تحت ذريعة حقوق الانسان بالاضافة الى تفعيل التنسيق مع تلك الادارة الجديدة التى تم استحداثها بوزارة الخارجية وكذلك المجلس القومى لحقوق الانسان للتعاون المثمر والبناء فى هذا المجال….وللمرة الثانية فاننى انوه الى ضرورة الاستعداد لاجتماعات المجلس الدولى لحقوق الانسان المزمع عقده فى سويسرا خلال شهر مارس القادم والذى سوف يتناول ما جاء فى بيان البرلمان الاوروبى الاخير بالاضافة الى مراجعة باقى التوصيات التى طلب من الجانب المصرى العام الماضى تلافيها او التعامل معها بشكل اكثر ايجابية.
تلك هى الرسالة التى أوجهها لاعضاء البرلمان المصرى بصفة عامة واعضاء لجنة حقوق الانسان بصفة خاصة وكذلك لكافة الجهات المعنية بهذا الملف خلال الفترة القادمة لمواجهة اى تداعيات او اسقاطات قد يستفيد منها او يستثمرها اعداء الوطن.
وتحيا مصر….