اقتصاد عالمى

فاينانشيال تايمز: السياسات الاقتصادية ولقاحات “كورونا” أبرز أسباب تفاؤل “النقد الدولي” لنمو الدول المتقدمة بعد الجائحة

تساءلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت عما إذا كانت توقعات صندوق النقد الدولي بأن تخرج اقتصادات معظم البلدان المتقدمة سالمة إلى حد كبير من تداعيات أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” قد افرطت في تفائلها؟.

وقالت الصحيفة، في مستهل تقرير لها نشرته على موقعها الالكتروني في هذا الشأن، إن الأمر، من وجهة نظر اقتصادية بحته، يكشف على ما يبدو بأن العام الماضي كان أشبه بكابوس.

وأشارت إلى تحذيرات النقد الدولي، في شهر أكتوبر الماضي، بأن كوفيد-19 قد يتسبب في ضرر دائم بمستويات المعيشة في جميع أنحاء العالم، وأن أي تعافي محتمل قد يكون طويلاً وغير منتظم وغير مؤكد.

ومع ذلك، ذكرت الصحيفة أن التوقعات الصادرة هذا الأسبوع مختلفة تمامًا فبحلول عام 2024، يعتقد النقد الدولي بأنه من المرجح أن يكون الاقتصاد الأمريكي أقوى مما كان متوقعًا له قبل الجائحة؛ أما بالنسبة لمعظم الاقتصادات المتقدمة، فلن تكون هناك سوى تداعيات محدودة متبقية من الأزمة.

وقالت إن مثل هذا التحول الإيجابي في التوقعات الاقتصادية العالمية في غضون 6 أشهر فقط نادر للغاية، وجاءت برغم أن الجميع يعلم بأن الجائحة لم تنته بعد؛ ولكن هناك رأي متفق عليه بشكل كبير وهو أنه مع الاستمرار في السياسات الاقتصادية الصحيحة، قد يستطيع العالم التغلب على كوفيد-19 وذلك من خلال تعزيز روح جديدة من التعاون الدولي لحل النزاعات طويلة الأمد حول قضايا شائكة مثل فرض الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات- وهي القضية التي تتبناها إدارة الرئيس جو بايدن في الولايات المتحدة.

و اعتبرت الصحيفة البريطانية أن من بين الأسباب التي وقفت وراء تغيير توقعات النقد الدولي في هذا الشأن كانت أسباباً لا علاقة لها في جوهرها بالاقتصاد؛ حيث تمكن العلم الحديث من تطوير لقاحات فعالة بشكل كبير ضد الجائحة بما أشار إلى طريق العودة تدريجياً إلى الحياة الطبيعية في السنوات المقبلة.

وقالت إن هذه التوقعات رجحت بأن الاقتصادات المتقدمة ربما تخسر أقل من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2024 مقارنة بالتوقعات التي سبقت أزمة الجائحة، وجاءت الولايات المتحدة في صدارة هذه التوقعات، بما تتلاشى معه الحاجة إلى مزيد من إجراءات التقشف أو الزيادات الضريبية لإصلاح الماليات العامة، وبدلاً من ذلك، قال صندوق النقد الدولي إن أية زيادة ضريبية يجب أن تكون على الأغنياء والشركات التي ازدهرت لإظهار التضامن مع أولئك الذين لم يحالفهم الحظ.

وتابعت: “إن جميع الأمور في الاقتصاد العالمي لن تصبح وردية بكل تأكيد؛ فوسط التفاؤل الجديد، هناك دوماً قلق حول بعض البلدان الفقيرة وبعض الأشخاص داخل البلدان الأكثر ثراء، حيث أنه وفقاً لصندوق نقد الدولي، فإن إقتصادات البلدان الناشئة، بإستثناء الصين على وجه الخصوص، تضررت بشدة من أزمة الجائحة، بما أدى إلى تخلف مستويات معيشتها بالمقارنة مع مستويات العالم المتقدم ووضعها على مسار نمو أبطأ بكثير مما كان متوقعًا قبل الجائحة”.

وأفادت فاينانشيال تايمز أخيرا، أنه في حين أن الاقتصادات الناشئة أبحرت في الغالب دون أن تتضرر من المياه المضطربة للأزمة المالية العالمية في عام 2008، إلا أن أزمة فيروس كورونا قد يؤثر بالسلب على اقتصاداتها بحلول عام 2024 بمتوسط ​4% تراجعاً عما كان متوقعًا له قبل الجائحة، فيما قد تتجاوز الخسائر في أمريكا اللاتينية 6% ونحو 8% في آسيا الناشئة باستثناء الصين.