اقتصاد عالمى

بلومبرج : بنك إنجلترا يستعد لأكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ 27 عاماً

من المتوقّع أن يتبنّى بنك إنجلترا هذا الأسبوع أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ 27 عاماً، ويكشف النقاب عن استراتيجيته لكبح 895 مليار جنيه استرليني “1.1 تريليون دولار” من الحوافز التي قدّمها خلال العقد الماضي.

وبحسب بلومبرج، من شأن هذه الإجراءات أن تُسرّع من تشديد تاريخي للسياسة النقدية لخنق أسوأ نوبة تضخم منذ 40 عاماً، حيث حذّر الحاكم أندرو بيلي وزملاؤه من أن الأسعار قد تقفز بمقدار 11% هذا العام، أعلى بكثير من هدف 2%.

كما يشعر البنك المركزي البريطاني بالقلق إزاء تخلفه عن أقرانه، وخاصة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي رفع أسعار الفائدة بما مجموعه 1.5 نقطة في اجتماعيه الماضيين. وبالنسبة لبنك إنجلترا، ستدعم زيادة أسعار الفائدة أيضاً قيمة الجنيه، الذي انخفض بنسبة 10% مقابل الدولار هذا العام.

وقالت ليز مارتينز، كبيرة الاقتصاديين في بنك إتش إس بي سي لندن: “لقد ساءت صورة التضخم بشكل ملموس، والرسائل من المحافظ – والتي تدور حول طرح 50 نقطة أساس على الطاولة – تشير إلى استعدادهم لأن يكونوا أكثر قوة”.

وقالت بلومبرج إيكونوميكس : “أشار بنك إنجلترا في اجتماعه في يونيو أنه سيتصرف بقوة إذا رأى علامات على استمرار الضغط التضخمي؛ ونحن نعتقد أن تدفق البيانات منذ ذلك الحين سيؤدي إلى رفع بمقدار 50 نقطة أساس في أغسطس ، والحالة الأساسية هي أن البنك المركزي سيعود بعد ذلك إلى الزيادات التقليدية بمقدار 25 نقطة أساس بعد هذا الاجتماع، ليرفع الفائدة إلى 2.75% بحلول فبراير، حيث يكمن الخطر في استمرار وتيرة التشديد الأسرع في الخريف”.

يذكر أن المستثمرين يتوقعون فرصة بنسبة 70% لزيادة نصف نقطة في سعر الفائدة القياسي لبنك إنجلترا إلى 1.75%، وهي أعلى نسبة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

وفي حين يرى معظم الاقتصاديين أيضاً تحركاً بهذا الحجم هذا الأسبوع، يقول البعض، بما في ذلك مورجان ستانلي ونات ويست ماركتس” إن ربع نقطة هي الأكثر احتمالاً، مستشهدين بمخاطر الركود المتزايدة.

أشارت بلومبرج إلى أنه ما من شكٍ في أن هذه الخطوة تُعقّد الخلفية الاقتصادية للمرشحين الذين يتنافسون على استبدال بوريس جونسون كرئيس للوزراء ، حيث تسعى وزيرة الخارجية ليز تروس ووزير المالية السابق ريشي سوناك إلى استمالة أعضاء حزب المحافظين الحاكم بحزمة من الإجراءات لمساعدة الناس على التعامل مع ارتفاع الفواتير وأسعار الطاقة.

وتُؤدّي زيادة أسعار الفائدة في بنك إنجلترا إلى إخراج الأموال من جيوب الناس عن طريق زيادة تكاليف الاقتراض.

وأظهرت الأرقام التي نشرها البنك المركزي يوم الجمعة أن سعر الفائدة الفعلي على الرهون العقارية الجديدة ارتفع إلى 2.15% في يونيو، وهو أعلى مستوى منذ أواخر عام 2016 ، وقفز السعر بمقدار 65 نقطة أساس منذ نوفمبر.

وحتى الآن، زاد بنك إنجلترا أسعار الفائدة خمس مرات منذ ديسمبر، ولم يتحرك بأكثر من ربع نقطة.

وقد دفعت تصرفات الاحتياطي الفيدرالي وسلسلة قراءات التضخم في المملكة المتحدة التي تجاوزت التوقعات صانعي السياسة البريطانيين إلى إعادة التفكير في استجابتهم التدريجية والوعد بالتصرف “بقوة” إذا لزم الأمر.

الجدير بالذكر أن آخر مرة رفع فيها بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس كانت في فبراير 1995، عندما حدّدتْ الحكومة تكلفة الاقتراض بمشورة من البنك المركزي.

وقد أصبحت الاجتماعات بين كينيث كلارك، المستشار آنذاك، وإدي جورج، حاكم بنك إنجلترا، تُعرف باسم “عرض كين وإدي”.

في ذلك الوقت، كان الخوف هو أن الاقتصاد ينمو بوتيرة سريعة وغير مستدامة؛ حيث كان الناتج المحلي الإجمالي يتوسّع بنحو 4% سنوياً، وانتعش التضخم وأظهرت دراسات استقصائية للأعمال ارتفاع أسعار الجملة.

وكان كلارك قد أعلن بالفعل عن تحركات نصف نقطة في كل من سبتمبر وديسمبر 1994.

وبحسب بلومبرج ، سيُؤدّي قرار هذا الأسبوع إلى تحوّل بنك إنجلترا بعيداً عن أكثر من عقد من الأموال السهلة لتحفيز الاقتصاد خلال الأزمة المالية ومن ثم جائحة فيروس كورونا.

وقد اشترى بنك إنجلترا 895 مليار جنيه إسترليني من السندات الحكومية وسندات الشركات خلال ذلك الوقت للحفاظ على غطاء على تكاليف الاقتراض في الأسواق المالية.

كما قال بيلي إن القرار هذا الأسبوع سيتضمن تفاصيل حول كيفية قيام بنك إنجلترا ببيع جزء من المحفظة.

ففي فبراير، توقف بنك إنجلترا عن إعادة استثمار عائدات الأصول المستحقة، وهو يدرس الآن المبيعات النشطة، والتي قال بيلي إنها قد تكون في حدود 50 مليار جنيه إسترليني إلى 100 مليار جنيه إسترليني في السنة الأولى من البرنامج.

يُذكر أنّ ارتفاع السعر ومبيعات الأصول يُمثِّلان معاً تحولاً هائلاً بعيداً عن سياسة الأموال السهلة السائدة في العقد الماضي، وهما مصمَّمان لرفع تكاليف الاقتراض إلى مستويات أكثر طبيعية؛ إذ يراهن المستثمرون على أنّ السعر الرئيسي سيصل إلى ما يقرب من 3% بحلول أوائل عام 2023، في حين أنّ الاقتصاديين أكثر حذراً.

ويرى كلاهما أن الأسعار يجب أن ترتفع أكثر مما يمكن أن يكون عليه الحال إذا أصبحت تروس رئيسة للوزراء ووفت بتعهدها بخفض الضرائب بمقدار 30 مليار جنيه إسترليني.

كما أنه من غير المعتاد أن يرفع البنك أسعار الفائدة بينما يواجه الاقتصاد مخاطر عالية من الركود؛ وقد تعاني المملكة المتحدة من أبطأ نمو في مجموعة الدول الصناعية السبع في العام المقبل بعد التعافي من الجائحة بسرعة أكبر من معظم الدول، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.

وتشمل الرياح المعاكسة للاقتصاد أسوأ ضغوط على القدرة الشرائية للمستهلكين منذ عقدين، وقرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أدى إلى تقليص التجارة وسلب الصناعات، مثل البناء والضيافة، من العمال الأجانب.

وفي الواقع، تُعاني الشركات في جميع أنحاء الاقتصاد من نقص مزمن في العمالة، على الرغم من الدلائل الأخيرة على تراجع الضغوط؛ حيث تسرّب ما يقرب من 400,000 شخص في سن العمل من القوى العاملة منذ ظهور كوفيد-19 لأول مرة، مما يعكس زيادة في المرض طويل الأجل والأشخاص الذين يتقاعدون مبكراً.

وبالنسبة لأولئك المتاحين للعمل، يتم تقديم زيادات كبيرة في الأجور، على الرغم من أنها ليست كبيرة بما يكفي لمواكبة التضخم بالنسبة للجميع باستثناء أغنى 1% من العمال.

وبينما تضعف التوقعات، ينظر بنك إنجلترا بقلق إلى إشارات على أن توقعات التضخم الآن أعلى بكثير من هدف 2%.

وتُظهِر استطلاعات الأعمال أن المديرين التنفيذيين يتوقعون استمرار التضخم القوي لسنوات ويخططون لرفع الأسعار بقوة لحماية هوامش أرباحهم.

من جانبه، قال كالوم بيكرينج الخبير الاقتصادي في بيرنبرج: “يؤدي النقص إلى انخفاض الإنتاج؛ ومن حيث القيمة، تنمو مبيعات التجزئة بسرعة كبيرة، إلا أنها تتراجع من حيث الإنتاج. وهذه الفجوة هي التضخم والفرق بين ما يرغب الناس في استهلاكه وما يمكنهم استهلاكه بالفعل”.