“التعاون الدولي” تكشف عن أبرز ملامح إطار التعاون والتمويل الإنمائي بين مصر وقارة آسيا
القاهرة -خاص-
تقوم الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، بزيارة لمدينة هونج كونج، للمشاركة في قمة الحزام والطريق، التي تُعقد تزامنًا مع الذكرى العاشرة لإطلاق المبادرة من قبل الرئيس الصيني شي جين بينج، وتمهيدًا لانعقاد قمة الحزام والطريق في بكين الشهر المقبل بمشاركة زعماء العالم.
وانطلاقًا من حرص الدولة المصرية على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع شركاء التنمية مُتعددي الأطراف والثنائيين بقارة آسيا وتنويع العلاقات المشتركة لدفع رؤية التنمية مصر 2030 ودعم جهود التحول الأخضر والعمل المناخي، فقد قامت وزارة التعاون الدولي، انطلاقًا من دورها وفقًا للقرار الجمهوري رقم 303 لعام 2004 ، بالعديد من الجهود خلال العام الجاري لتوطيد العلاقات مع الدول الآسيوية من بينها اليابان والصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والهند، إلى جانب مؤسسات التمويل الدولية متعددة الأطراف مثل بنك التنمية الجديد، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
تم الإعلان رسميًا عن انضمام مصر لعضوية بنك التنمية الجديد التابع لتجمع دول البريكس خلال العام الجاري، وبصفتها نائب محافظ مصر في البنك، شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، في الدورة الثامنة من الاجتماعات السنوية للبنك التي عقدت بمدينة شنغاهاي بالصين، حيث أكدت خلال مشاركتها أن حصول مصر على عضوية بنك التنمية الجديد، إلى جانب كبُرى الاقتصاديات الناشئة أعضاء تجمع البريكس، يعزز جهود التعاون جنوب جنوب، ويدعم الجهود التي تقوم بها الحكومة لنقل الخبرات والتجارب التنموية في مجال التعاون الدولي لدول الجنوب بما يحفز جهود التنمية على مستوى العالم.
في ذات السياق التقت وزيرة التعاون الدولي، ديلما روسيف، رئيس بنك التنمية الجديد، كما عقدت جلسات مباحثات مع نواب رئيس البنك، حيث تم استعراض جهود مصر في تعزيز التعاون متعدد الأطراف، ومناقشة رؤية التعاون الإنمائي بين الجانبين على مستوى الفترة المقبلة، ويعد انضمام مصر لعضوية بنك التنمية الجديد دفعًا للعلاقات مع بنك البريكس بما يعزز جهود التعاون متعدد الأطراف على غرار العلاقات الوثيقة بين مصر والبنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وغيرهم من المؤسسات.
في إطار الاستعدادات لانعقاد الاجتماعات السنوية للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بمدينة شرم الشيخ سبتمبر الجاري، والعلاقات الوثيقة بين الحكومة والبنك، عقدت وزيرة التعاون الدولي عددًا من اللقاءات مع مسئولي وقيادات البنك حيث التقت جين لي تشون، رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، في قطر ضمن فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموًا، مطلع العام الجاري، كما قامت بزيارة للمقر الرئيسي للبنك ضمن فعاليات زيارتها للصين في يوليو الماضي، والتقت وزيرة التعاون الدولي، نواب رئيس البنك خلال مشاركتهم في الاجتماعات السنوية للبنك الأفريقي للتنمية بشرم الشيخ.
وشهدت الاجتماعات مناقشة محفظة التعاون الإنمائي والجهود المشتركة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية، والتباحث بشأن وضع استراتيجية مستقبلية للتعاون الإنمائي، انطلاقًا من العلاقات القائمة منذ عام 2016، حيث تعد مصر أول بلد غير آسيوي للعمليات، لترتفع حجم محفظة التعاون الإنمائي لنحو 1.3 مليار دولار، من بينها 210 مليون دولار تمويل لـ11 شركة من القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة لتنفيذ مجمع بنبان للطاقة الشمسية، و150 مليون دولار خط ائتمان للبنك الأهلي المصري لإعادة إقراضه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب 660 مليون دولار تمويلات إنمائية ميسرة للقطاع الحكومي.
وشارك البنك الآسيوي إلى جانب البنك الدولي في تمويل سياسات التنمية ودعم الموازنة في مصر، ومن المقرر أن تشهد الفترة المقبلة مزيد من التعاون المشترك في ضوء أولويات الدولة التنموية وجهودها لتعزيز التنمية والعمل المناخي وتحفيز آليات التمويل المبتكرة.
تشهد العلاقات الاقتصادية والشراكة الاستراتيجية بين مصر واليابان تطورًا كبيرًا لاسيما خلال العام الجاري تزامنًا مع زيارة رئيس وزراء اليابان لمصر ولقاءه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، والتي شهدت توقيع مذكرة تفاهم للشراكة الاستراتيجية بين وزارة التعاون الدولي، والبنك الياباني للتعاون الدولي “جيبك”، كما تم الاتفاق على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى “شراكة استراتيجية” بما يعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والاستفادة من الإمكانات الواعدة للبلدين.
كما شهد العام الجاري انعقاد حوار السياسات المشترك الذي نظمته وزارة التعاون الدولي والسفارة اليابانية بالقاهرة بمشاركة الجهات المعنية من الجانبين، الذي يشكل أهمية بارزة كمنصة للحوار الاستراتيجي بين الحكومتين وآلية وطنية لتعزيز التعاون الثنائي بما يتسق مع أولويات الدولة المصرية، بمشاركة الأطراف ذات الصلة من الجانبين، ووضع أولويات التعاون المشترك للخمس سنوات المقبلة.
ترتبط مصر والصين بعلاقات تاريخية تعد نموذجًا للتعاون جنوب جنوب، وتشهد تطورات متتالية منذ عام 2014 بدعم من زعيمي البلدين، حيث تم توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وخلال زيارة الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، للعاصمة الصينية بكين في يوليو الماضي، للمشاركة في النسخة الأولى من منتدى العمل العالمي من أجل التنمية المشتركة، تم توقيع مذكرة تفاهم مشتركة حول مبادرة التنمية العالمية ، والتي تتضمن بندًا حول قيام الجانبين بإنشاء آلية للتشاور على مستوى الإدارات والعمل على صياغة استراتيجية للتعاون الإنمائي لمدة 3 أو 5 سنوات، تتضمن المجالات والمشروعات ذات الأولوية وهي المرة الأولى التي يتم العمل على تدشين استراتيجية متكاملة للتعاون بين البلدين ، فضلًا عن التركيز على مجالات الرعاية الصحية والتغير المناخي والتنمية الخضراء، والاقتصاد الرقمي، وكذلك التباحث حول المشروعات الأخرى التي تتفق مع مجالات مبادرة التنمية العالمية.
في سياق آخر تم توقيع الخطابات المتبادلة لإنشاء مركز التدريب المهني بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والخطابات المتبادلة لتوريد 4 مجموعات من معدات أنظمة المركبات الأمنية المتنقلة لصالح وزارة النقل، والخطابات المتبادلة لإعداد دراسة الجدوى لمشروع معمل السلامة الحيوية. وعقدت وزيرة التعاون الدولي، مباحثات مكثفة خلال الزيارة مع بنك الصين للتصدير والاستيراد، والوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي.
خلال العام الماضي أعلنت كوريا الجنوبية اختيار مصر شريكًا استراتيجيًا في مجال التعاون الإنمائي للخمس سنوات المقبلة، انعكاسًا للزيارات المتبادلة من قبل قادة البلدين منذ عام 2016، بما يعزز العلاقات المشتركة ويبني على التعاون القائم في مجالات مختلفة من بينها التعليم العالي والتدريب المهني، وتكنولوجيا المعلومات، وتمكين المرأة، والبنية التحتية المستدامة.
وتأكد هذا التطور على العلاقات المشتركة خلال العام الجاري حيث قامت وزارة التعاون الدولي بتوقيع العديد من اتفاقيات التعاون المشترك من بينها مشروع توطين صناعة عربات مترو الأنفاق في مصر “تصنيع وتوريد 40 وحدة قطار”، وكذلك تعزيز الدعم الفني لعملية تأسيس الجهاز المصري للملكية الفكرية. كما اجتمعت وزيرة التعاون الدولي، مع مسئولي بنك التصدير والاستيراد الكوري خلال مايو الماضي، لبحث وضع استراتيجية مستقبلية للتعاون.
شهد عام 2023 نقلة نوعية في العلاقات المشتركة والتاريخية بين مصر والهند، وذلك على خلفية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للهند في يناير الماضي، وزيادة السيد ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، لمصر في يونيو، والاتفاق على ترفيع مستوى العلاقات بين البلدين بما يفتح آفاق التعاون المشترك.
وانطلاقًا من هذه التطورات فقد قرر مجلس الوزراء تشكيل اللجنة الوزارية “وحدة الهند”، على أن تتولى وزارة التعاون الدولي مقرر الوحدة للتنسيق بين الجهات الوطنية لوضع أولويات ومجالات التعاون مع الجانب الهندي.
وتفتح التطورات في العلاقات المشتركة المجال لتعزيز التعاون الاقتصادي والإنمائي وزيادة برامج التدريب وبناء القدرات والكوادر، وتعظيم الاستفادة من بنك EXIM بنك الهندي، وتعزيز التعاون الثلاثي بين مصر والهند والدول الأفريقية.
في ضوء تعزيز العلاقات المشتركة بين مصر وسنغافورة، والخطوات التي اتخذتها وزارة التعاون الدولي منذ مارس 2022، وفقًا لتكليف رئاسة مجلس الوزراء، فقد تم بحث متطلبات تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين من خلال التنسيق مع الأطراف المعنية، لدفع التعاون في ثلاثة مجالات رئيسية هي تيسير التجارة، ورقمنة الموانئ والموانئ الذكية، وبناء القدرات في قطاع النقل البحري.
خلال زيارة تران لو كوانج نائب رئيس وزراء جمهورية فيتنام لمصر ، خلال يوليو الماضي، تزامنًا مع الذكرى الستين للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، عقدت وزيرة التعاون الدولي، جلسة مباحثات ثنائية تم خلالها مناقشة تعزيز جهود التعاون المشترك بين البلدين وبحث استعدادات اللجنة المشتركة بين مصر وفيتنام المقرر انعقادها خلال العام الجاري.