بنوك

البنك المركزي المصري يعقد غدا أول اجتماعاته هذا العام لبحث مستقبل أسعار الفائدة

وسط تباين في توقعات المحللين حول القرار المرتقب هذه المرة في ظل العديد من المؤشرات المتضاربة

القاهرة -خاص-

تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري غدا ، الخميس ، أول اجتماع لها هذا العام لبحث مستقبل أسعار العائد الأساسية لدى المركزي ، والتي تعد المؤشر الرئيسي لاتجاه أسعار الفائدة بالسوق المحلية في الأجل القصير.

ويأتي اجتماع اللجنة هذه المرة وسط تباين في توقعات المحللين حول القرار الذي يمكن أن تتخذه بشأن أسعار الفائدة ، في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية بالمنطقة ، والإجراءات الحمائية على التجارة العالمية ، والتي خلقت حالة من الضبابية حول توقعات التضخم عالميا ومحليا ، بجانب قيام بعض البنوك العاملة بالسوق المحلية بخفض أسعار الفائدة على بعض أوعيتها الادخارية في الأيام الماضية.

وكانت اللجنة قد قررت في 26 ديسمبر الماضي الإبقاء على أسعار العائد الأساسية لدى المركزي دون تغيير للمرة السادسة على التوالي ، ليستقر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 27.25% وعائد الإقراض عند 28.25% وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي وسعر الائتمان والخصم عند 27.75%.

ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 600 نقطة أساس في مارس 2024 ، ليصل بذلك إجمالي الرفع إلى 1900 نقطة أساس منذ أن بدأ المركزي سياسة التشديد النقدي في 2022.

وكشف المركزي ، في وقت سابق من الشهر الجاري ، عن تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 22.6% في يناير 2025 مقابل 23.2% بنهاية ديسمبر 2024 ، فيما سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين الذي يعده البنك 1.7 % ، مقابل 0.9%.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن معدل التضخم السنوي بالمدن المصرية تباطأ خلال يناير 2025 لـ 24% ، مقابل 24.1% بنهاية ديسمبر2024 ، مشيرا في الوقت نفسه لارتفاع التضخم على أساس شهري إلى 1.5% مقابل 0.2%ز

وفي قرار مصاحب لثبيت الفائدة في 26 ديسمبر الماضي ، قرر البنك المركزي تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 عند 7% ±2% ، والربع الرابع من 2028 عند 5%± 2% في المتوسط ، وذلك اتساقا مع التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم ، ولإتاحة مجال لاستيعاب صدمات الأسعار ، دون الحاجة للمزيد من التشديد النقدي، وبالتالي تجنب حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي.

وقال المركزي إنه بدءا من مارس 2024 اتخذ البنك عددا من الإجراءات التصحيحية ، بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى احتواء الضغوط التضخمية وخفض التضخم العام ، موضحا أنه من أبرز هذه الإجراءات السياسة النقدية التقييدية التي اتبعها وتوحيد سوق الصرف الأجنبي ، مما ساعد على ترسيخ توقعات التضخم، وجذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي.

أشار إلى أنه رغم ذلك فإن المخاطر المحيطة بالتضخم تتضمن احتمالات تفاقم التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية وزيادة تأثير إجراءات ضبط المالية العامة.

أضاف أن التوقعات تشير إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءا من الربع الأول من 2025 ، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026.

وبحسب المركزي ، فإن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية يعد ملائما حتى يتحقق انخفاض ملحوظ ومستدام في معدل التضخم، بما يؤدي إلى ترسيخ التوقعات وتحقيق معدلات التضخم المستهدفة ، مؤكدا أنه سوف يتخذ قراراته بشأن مدة التشديد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات.

أكد أنه لن يتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى معدلاته المستهدفة ، من خلال الحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب ، واحتواء الآثار الثانوية لصدمات العرض.

وأظهر استطلاع لـ بلومبرج شمل آراء 11 بنكاً استثمارياً تباينا في التوقعات حول القرار القادم للجنة السياسة النقيدة بالبنك المركزي المصري ، حيث يرى المؤيدون لإبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير أن هناك ضغوطاً تضخمية محتملة موسمية خلال شهر رمضان القادم، بجانب ضغوط كامنة لم تظهر بعد بسبب الإجراءات الحمائية التي يقرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، فيما يميل الفريق الآخر إلى خفض أسعار الفائدة بما يتراوح بين نقطة إلى نقطتين مئويتين بهدف تقليل تكلفة الاقتراض مع مواكبة الاتجاه العالمي فى اتباع سياسة التيسير النقدي، بجانب تباطؤ معدلات التضخم، وبدء البنوك المصرية خفض الفائدة على شهادات الادخار ما يعد إشارة استباقية على خفض مرتقب للفائدة.

وتشمل قائمة بنوك الاستثمار التي شاركت في هذا الاستطلاع إي إف جي القابضة، وبلتون، والنعيم، وزيلا كابيتال، وسي آي كابيتال، والأهلي فاروس، وبرايم، ومباشر المالية، وثاندر، وكايرو كابيتال، وعربية أون لاين.

يأتي ذلك فيما رجح استطلاع أجرته وكالة رويترز أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار العائد الاساسية لديه دون تغيير في اجتماعه غدا ، حيث يتطلع صناع السياسة النقدية إلى تراجع أكثر وضوحا في التضخم قبل خفض الفائدة.

وتوقع 6 محللين ، من بين 10 شملهم الاستطلاع أن تبقي لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير، في حين توقع 3 خفضها بمقدار 100 نقطة أساس ، وتوقع محلل واحد خفضها 200 نقطة أساس.

وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي إتش سي للأوراق المالية والاستثمار إنه بالنظر إلى الوضع الخارجي للاقتصاد إلي جانب التوترات الجيوسياسية الاخيرة وتأثيرها المحتمل على نسب تعافي إيرادات قناة السويس، فإننا نتوقع أن تبقي لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقبل وتأجيل قرار تخفيض أسعار الفائدة، من أجل الإبقاء علي جاذبية الاستثمار في أذون الخزانة، لما قد تمثله هذه المستجدات من عوامل ضغط قد تؤثر علي تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر، مع الاخذ في الاعتبار حجم المستحقات الخارجية المطلوب الوفاء بها، بالاضافة إلي فاتورة استيراد المنتجات البترولية.

وقال محمد عبد العال الخبير المصرفي البارز إن الخيار الأنسب من وجهة نظر السياسة النقدية قد يكون تثبيت الفائدة على ما هي عليه عند 27.25% للإيداع و 28.28% للإقراض ، موضحا أن هذا الخيار يتيح التريث والاستمرار في مراقبة تأثير تطور الأوضاع العالمية والإقليمية.

تابع عبد العال : “لكن إذا ماكان هناك تباين بين قراري التثبيت أو الخفض ، فأنا آمل أن نرى خفضا في معدل الفائدة بين 200 الى 300 نقطة أساس في الاجتماع القادم أو الذي يليه ، أخذا في الإعتبار تمديد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم ، يتيح المجال للوصول إلى تحقيقه تدريجياً وعلى المدى البعيد ، آخذا في الاعتبار التأثير الإيجابي المتوقع لسنة الأساسي”.

أوضح أن معدل التضخم الحالى 24% مازال بعيداً جداً عن مستهدفاته ، وقد يكون الوقت مناسب الآن للجمع بين نظرتنا لإحداث التوازن بين متطلبات النمو الاقتصادى الهامة ومتطلبات مواجهة التضخم.

أشار عبد العال إلى أن لجنة السياسة النقدية إذا ما رأت أن قرار التخفيض في الاجتماع المقبل هو القرار المناسب ، فليس معنى ذلك أنها تؤكد تخليها عن سياسة التقييد النقدي وتحولها نهائياً إلى سياسة التيسير النقدي ، بالطبع لا ، حيث أن الخفض هنا سيكون بشكل متدرج و تجريبي ، في ضوء حالة عدم اليقين العالمية ، ولكنها سوف تظل مسلحة بكل أدوات السياسة النقدية الانكماشية إلى أن تصل بمعدل التضخم إلى مستهدفاته الموضوعة.

وبحسب عبد العال فإن 3 عوامل مهمة ، يمكن أن تكون مؤثرة عند اتخاذ قرار بإحداث تغيير في معدل الفائدة من جانب لجنة السياسة النقدية ، أولها المخاطر الجيوسياسية القائمة والمشتعلة في منطقة الشرق الأوسط ، وثانيها الضغوط القائمة علينا من صندوق النقد الدولي بأهمية الاستمرار في اتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجهة التضخم ، وثالثها تأثير الحزمة الاجتماعية و زيادات المرتبات المرتقبة وإرتفاع بعض أسعار السلع أي إرتفاع التضخم.

أوضح أنه في حال اختيار تثبيت الفائدة فإن ذلك يدل على حاجة البنك المركزي إلى التضييق أكثر على السيولة في السوق للحد من التضخم القائم ، و تحسبا من إمكانية تولد موجات تضخمية محلية ، أو عالمية وأخذا في الإعتبار الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة ، لافتا في الوقت نفسه إلى أن تبعات هذا القرار تتمثل في مزيد من الضغط على النمو الاقتصادي ، نتيجة ارتفاع تكلفة اقتراض الحكومة والقطاع الخاص، وزيادة تكلفة تمويل الدين الداخلي ، ومزيد من عجز الموازنة ، واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة في ظل معدل تضخم مدفوعاً أحياناً بمتطلبات الضبط المالي أو الدعم ، الأمر الذي يُقلل من التأثير الإيجابي النسبي للسياسة النقدية في خفض التضخم.

أضاف أنه في حال إختيار خفض الفائدة فإن ذلك يعني تحفيز النمو الاقتصادي ، وتخفيف عبء الدين على الحكومة والقطاع الخاص ، وتحفيز القطاعات الإنتاجية المحلية على زيادة الإنتاج للاستخدام المحلي أو لأغراض التصدير ، غير أنه يرى أن قرار الخفض سيكون له تداعيات تتمثل في المخاطرة بارتفاع معدلات التضخم مرة أخرى، وزيادة التحديات في تحقيق استقرار العملة والأسعار والتأثير سلباً على معدل قدوم الاستثمار الأجنبي غير المباشر.