البنك المركزي المصري يبحث غدا مصير فائدة الجنيه للمرة الثالثة في 2025

وسط حالة انقسام بين المحللين وبنوك الاستثمار حول القرار المتوقع بين التثبيت والتخفيض مجددا
القاهرة -خاص-
تعقد لجنة السياسة النقديـة بالبنك المركــزي المصـري غدا ، الخميس ، اجتماعها الدوري الثالث في العام الجاري ، لبحث مصير أسعار العائد الأساسية لدى المركزي ، والتي تعد المؤشر الرئيسي لاتجاه فائدة الجنيه في الأجل القصير.
ويأتي اجتماع المركزي هذه المرة وسط حالة انقسام بين المحللين وبنوك الاستثمار حول القرار المتوقع ، وما غذا كان سيتم تثبيت الفائدة أو خفضها مجددا.
وكانت اللجنة قد قررت في اجتماعهـا يوم 17 أبريل الماضي خفض تلك الأسعار بنسبة 2.25% ، ليصل سعر الإيداع لليلة واحدة لدى المركزي إلى 25% وسعر الإقراض إلى 26% ، وسعري الائتمان والخصم والعملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 25.50%.
وأكدت اللجنة ، في بيانها المصاحب لهذا القرار ، أن خفض الفائدة بهذه النسبة مناسب للحفاظ على سياسة نقدية ملائمة تهدف لترسيخ التوقعات ودعم المسار النزولي المتوقع للتضخم.
أشارت إلى أن الانخفاض الحاد في المعدل السنوي للتضخم العام بنحو 9% في الربع الأول من 2025 أدى إلى تقييد الأوضاع النقدية بدرجة ملحوظة ، مما أتاح مجالا واسعا لبدء دورة التيسير النقدي.
وتوقعت اللجنة أن يستمر التضخم في الانخفاض خلال عامي 2025 و2026، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول من العام الجاري ، بسبب تأثير إجراءات ضبط الأوضاع المالية العامة المنفذة والمقررة لعام 2025، بالإضافة إلى تباطؤ وتيرة انخفاض تضخم أسعار السلع غير الغذائية ، لافتة إلى أنه ومع ذلك، لا تزال توقعات التضخم عُرضة للمخاطر الصعودية في ظل احتمال تجاوز إجراءات ضبط المالية العامة تأثيرها المتوقع، فضلا عن حالة عدم اليقين بشأن تأثير الحرب التجارية الصينية الأمريكية الحالية والتصعيد المحتمل للصراعات الجيوسياسية الإقليمية.
أكدت أنها سوف تواصل تقييم قراراتها بشأن فترة التقييد النقدي ، ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات ، كما أنها سوف تستمر في مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة لتحقيق هدف استقرار الأسعار من خلال توجيه التضخم نحو مستهدفه البالغ 7% ± 2% في الربع الرابع من عام 2026.
وكشف البنك المركزي في وقت سابق من الشهر الجاري عن ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي ، المعد من جانبه، إلى 10.4% فى أبريل 2025 مقابل 9.4% في مارس السابق عليه ، فيما ارتفع المعدل الشهري إلى 1.2% ، مقابل 0.9%.
كما أشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي بالمدن المصرية إلى 13.9% في أبريل 2025 مقابل 13.6% بنهاية مارس السابق عليه، لافتا في الوقت نفسه إلى تباطؤ التضخم على أساس شهري إلى 1.3% ، مقابل 1.6%.
وتوقع البنك المركزي وصول معدل التضخم العام لما بين 14 إلى 15% خلال العام الجاري ولما بين 10 إلى 12.5% في 2026 في المتوسط ، مقارنة بنحو 28.4% في عام 2024.
وقال المركزي ، في تقرير السياسة النقدية للربع الأول من 2025 ، الصادر عنه حديثا ، أنه من المتوقع أن ينخفض المعدل السنوي للتضخم العام تدريجيا خلال عامي 2025 و 2026 وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالتراجع الحاد المسجل خلال الربع الأول من 2025، وذلك بسبب إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المنفذة والمقررة خلال الأفق الزمني للتوقعات ، بالإضافة إلى البطء النسبي لانخفاض تضخم السلغ غير الغذائية.
وتوقع المركزي أن يقترب معدل التضخم تدريجيا من النطاق المستهدف من جانبه البالغ 7% ± 2% في الربع الرابع من 2026 ، مؤكدا أن الأوضاع النقدية الحالية لا تزال مناسبة لدعم المسار النزولي المتوقع للتضخم.
أشار إلى استهدافه الحفاظ على سعر عائد حقيقي موجب ، بصورة تضمن تحقيق انخفاض ملحوظ ومستدام في معدل التضخم الضمني ، وكذا ترسيخ توقعات التضخم عند معدل التضخم المستهدف .
ومن جانبها توقعت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن يخفض البنك المركزي المصري سعر الفائدة 2% في اجتماعه غدا ، وذلك في ضوء آخر تطورات الاقتصاد الكلي المصري والأوضاع الجيوسياسية ، لتحفيز النمو الاقتصادي، مع الأخذ في الاعتبار الاستقرار النسبي في الظروف الاقتصادية المحلية والدولية مقارنة بالشهر السابق.
وقالت “منير” إن الاقتصاد المصري تمكن من احتواء بعض الضغوط التضخمية ، وإن كانت لا تزال أعلى من مستهدفات البنك المركزي ، إلا أنها في اتجاه نزولي بشكل رئيسي بسبب تأثير سنة الأساس، وأن التدفقات الأجنبية في أدوات الدين الحكومي لدينا لا تزال جذابة، وأن هناك تحسنًا ملحوظًا في وضع صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، الأمر الي يعكس تحسن ملحوظ في سيولة وتوافر العملات الأجنبية.
كما توقع استطلاع أجرته وكالة رويترز أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 1.75% في اجتماعه غدا ، ليواصل بذلك الخفض الذي بدأه في أبريل الماضي.
وقدّر متوسط توقعات 16 محللًا أن يصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض إلى 23.25% و24.25% على الترتيب.
ويرى جيمس سوانستون، من “كابيتال إيكونوميكس” أنه على الرغم من ارتفاع التضخم خلال شهري مارس وأبريل، لا يزال سعر الفائدة الحقيقي في مصر إيجابيا بقوة، ويترك مجالا واسعا أمام صانعي السياسات لخفضه بنسبة 2%.
يأتي ذلك فيما تباينت توقعات المحللين في استطلاع أجرته “الشرق مع بلومبرج” حول مسار أسعار الفائدة في مصر ، وسط مخاوف من تسارع وتيرة التضخم بفعل زيادة أسعار المحروقات ، والتي سينعكس أثرها بشكل أكبر على أرقام شهر مايو الجاري، فيما يفسح الفارق الكبير بين معدل الفائدة والتضخم الطريق لمزيد من الخفض في اجتماع نهاية الأسبوع الجاري.
وفي الاستطلاع الذي شمل 11 بنكاً استثمارياً، تميل الشريحة الأكبر من المشاركين ، بواقع 6 بنوك استثمار لإبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، مدفوعة بأن توقعات التضخم عُرضة لمخاطر الصعود، خاصة مع تداعيات زيادة أسعار المحروقات والتي ستظهر بشكل أكبر على أسعار السلع والخدمات خلال هذا الشهر، فضلاً عن حالة عدم اليقين بشأن أي تصعيد محتمل للصراعات الجيوسياسية الإقليمية، ما يدفع البنك المركزي للتأني في أي خفض جديد والتثبيت لحين التأكد من هدوء مسار التضخم، خاصة مع تثبيت الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة الأسبوع الماضي.
ويميل الفريق الآخر إلى خفض أسعار الفائدة بما يتراوح بين نقطة إلى نقطتين مئويتين بدعم من ارتفاع الفارق بين معدل الفائدة والتضخم ، ما يفسح المجال لمزيد من الخفض حتى وإن كان بنسبة ضئيلة.
كما أظهر استطلاع أجرته CNBC عربية شمل 14 محللاً وخبيراً اقتصادياً في شركات وبنوك استثمار محلية وعالمية تبايناً في التوقعات بشأن القرار المرتقب للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري حول معدلات الفائدة خلال اجتماعها الخميس.
واتفق 50% ممن شملهم الاستطلاع أن المركزي المصري سيتجه لتثبيت الفائدة ، بهدف مراقبة آثار قرار خفض الفائدة في الاجتماع السابق على السوق المحلية ، لاسيما مع عودة معدلات التضخم للارتفاع في أبريل الماضي لتسجل 13.9% على أساس سنوي.
من جهة أخرى توقع 50% ممن شملهم الاستطلاع أن يواصل المركزي المصري خفض الفائدة في هذا الاجتماع ، نظراً لعدة عوامل من بينها الحاجة لدعم النشاط الاقتصادي والهدوء النسبي في التوترات التجارية العالمية خلال الآونة الأخيرة.