أخلاقيات العمل الصحفي.. كتاب جديد ل شيركو حبيب عن دار أم الدنيا

احمد دياب
صدر حديثا عن دار أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع، كتاب “أخلاقيات العمل الصحفي”، للكاتب الصحفي شيركو حبيب، تقديم الكاتب الصحفي علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام السابق، عضو الهيئة الوطنية للصحافة.
يقع الكتاب في 124 صفحة من القطع المتوسط، وتتناول فصوله أخلاقيات العمل الصحفي، حماية الخصوصية، أسلوب الصحافة الناجحة، وفرة المعلومات، الإعلام والانتخابات، الإعلام ودوره في تثقيف المجتمع، الصحافة الأخلاقية والقانون، تعريف الصحفي وما له وما عليه، حرية التعبير والالتزام بالأسس المهنية كضمانة لمجتمع ديمقراطي مدني، حرية الوصول إلى المعلومات كوسيلة لمكافحة الفساد، المعايير الدولية لحرية التعبير، وكتابة وتحرير الخبر الصحفي بنماذجه ومصادره.
في تقديم الكتاب يقول الكاتب الصحفي علاء ثابت: حين تفتح الصحيفة صباحًا، أو يُقلب بين صفحاتها على الشبكة العنكبوتية لا يفتح القارئ ورقة فحسب، بل يفتح نافذة تطل على ضمائر الناس. فما الصحافة؟ أهي مهنة ؟ قد يقولون ذلك.. لكنها في حقيقتها شيء آخر … هي قدر من يختار أن يكون صحفيًا، لا يختار وظيفة، بل يُوقع عهدًا خفيا مع الحقيقة. ومن يكتب، لا يُشبه من يُدوّن فقط، بل يشبه من يُشهد ويسأل ويُحاكم أمام نفسه أولاً. لذلك، فإن أخلاقيات الصحافة ليست «كتيبا» يُعلق على جدار غرفة التحرير، بل هي ضوء داخلي. إذا انطفأ، لم تنفع القوانين، ولم تغن المواثيق.
ويضيف ثابت: هذا الكتاب لا يجيء كمدرس خصوصي في القواعد المهنية، بل كصوت هادئ يُذكر وسط الزحام بأن الكلمة، إذا خرجت من غير قلب، لا تُضيء. في زمن أصبح الخبر سلعة، والعنوان سلاحًا، والسرد أداة في حرب المصالح كيف تعيد للصحفي مكانته ؟ لا كصانع ضجة، بل كراو أمين الحقيقة لا يملكها، بل يقترب منها قدر طاقته و ضمیره؟
هذا ما يحاول أن يؤكده هذا الكتاب. ليس في صفحاته كثير من النظريات، بل قليل من التأملات. ليس فيه أوامر، بل أسئلة متى يكون الخبر كشفا ؟ ومتى يصير خيانة؟ متى ينشر لأن فيه فائدة؟ ومتى يُدفن لأن فيه وجعًا لا يحتمل ؟ وهل الحرية في أن نقول كل شيء، أم في أن نعرف متى نصمت؟.
ويؤكد رئيس تحرير الأهرام السابق: الصحافة، إن نسيت إنسانيتها، فقدت شرفها، السبق الصحفي إن لم يراع آثار ما يعلن، صار فضيحة لا فضيلة، والاستقلالية، إن لم تكن نابعة من احترام الذات، تحولت إلى مجرد شعار تعلقه ونمضي هكذا تنشأ الأخلاقيات لا من نص بل من شعور أن ما اكتبه سيقرأ وأن من يقرأ قد يتأثر، يتألم، أو يتخذ قرارا. وأنني مسؤول لا قانونيا فقط بل أخلاقيا أمام من لا أعرفه، لكنه يضع ثقته في صدقي، وهنا يصبح الفرق واضحا بين القانون والأخلاق القانون يقول لك ما يسمحلك أن تفعله، أما الأخلاق، فتسألك بهدوء ولكن هل يجب؟»، الصحفي الذي يعرف هذا الفرق، لا يخشى السلطة، بل يحاورها، ولا يجري خلف الشهرة، بل يسير نحو الحقيقة، وإن كانت بعيدة.
ويذكر عضو الهيئة الوطنية للصحافة، أن المؤلف شيركو حبيب، كتب هذا الكتاب لا بيد المعلم، بل بقلب الزميل، يذكرك، لا يملي عليك، يدعوك لأن تكون الصحفي الذي لا يبحث عن الترند، بل عن الحقيقة التي تبقى أن تكتب كأنك تحكي لإنسان تحترمه، لا لجمهور تلهيه، هذا الكتاب لمن أرهقه الضجيج، ويريد أن يسمع صوت مهنته من جديد، هو لمن لا يزال يؤمن أن الكلمة، حين تقال بصدق، يمكن أن تغير، أو على الأقل، تترك أثرا لا ينسى. ثم يأتي الامتحان الأكبر: حماية من أبلغ، من تكلم همسا وطلب ألا يسمى. هل يسلم الصحفي من فتح له قلبه إلى عيون لا ترحم؟ أم يصون السر كما يصان العهد؟ إن المصدر ليس مادة، بل إنسان، وخيانة اسمه، حتى لو كانت قانونية تبقى في عرف الشرفاء خيانة لا تغتفر. ولا يغيب عن الصحفي شبح المال والسلطة، تلك القوى الناعمة التي لا تضرب، لكنها تغري، هنا، في خلوة الصحفي مع نفسه، يولد القرار. هل يكتب ما يطلب منه؟ أم ما يمليه عليه ضميره؟ هل ينحني للعاصفة؟ أم يصير هو الجدار الذي تصطدم به ولا تطرحه؟.
و في مقدمة كتابه يقول المؤلف الكاتب الصحفي شيركو حبيب : لابد أن يكون الصحفي على دراية بثقافة مجتمعه مما يجعله يراعي عند كتابته لأي تحقيق أو مقال أو أي حدث عمومي كان أو خاصا، ألا يخرج عن تقاليد ومقومات هذا الشعب، وأن يدعمها في كل كتاباته، ويجب أن يكون الصحفي ملما بالثقافات الأخرى، التي تساعده في فهم الآخر، وماذا يريد من طروحاته الصحفية والإعلامية بصفة عامة، ويستطيع بذلك مواجهة أي مخاطر قد تصادفه خلال عمله والتصدي لها بالأسلوب المناسب بمستوى الرد الحضاري الدبلوماسي، وإيصال خطابه للآخر بكل لباقة وأخلاق.
يتابع المؤلف: من واجب الصحافة والإعلام بصفة عامة أن تكون في خدمة الوطن والشعب وخاصة في المسائل والقضايا الوطنية الهامة، مما يتطلب تضافر جهود كل الصحفيين للدفاع عن هذه القضية أو تلك، إذا كانت تمس بمقومات هذا الشعب والوطن، سواء كان ذلك على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وبذلك تكون الصحافة في خدمة بلده وشعبه وتقدم خدمة لهذا الوطن الذي يرى شعبه في الصحافة بأنها السلطة الرابعة لحمايته والدفاع عنه وعن معتقداته ومقوماته ووحدته بصفة عامة الصحافة لابد أن تكون حريصة على القيام بمهامها المنوطة بها في إطار الأخلاق العالية ودون المساس بمشاعر أي كان وطنيا أو دوليا وأن يتعامل الصحفي بأسلوب حضاري تدعمه الإثباتات والبراهين والقانون والمصداقية في نقل المعلومات.
ويؤكد شيركو حبيب، أن أخلاقيات المهنة الصحفية ترتبط في كثير من الدول بالتقاليد والأعراف أكثر من ارتباطها بالقوانين، لذا اهتمت أكثر بلدان العالم، بإصدار مواثيق شرف إعلامية للمعايير الأخلاقية التي يجب أن يسير على مضمونها العام الإعلاميين والصحفيين لتحقيق أكبر قدر من الأمانة والصدق في نقل المعلومات، ويرجع
ظهور مواثيق الشرف على الصعيد الدولي إلى عام 1913 لتحسين الأداء الإعلامي. أقدم هذه المواثيق أطلق عليه «قواعد الأخلاق الصحفية» صدر في واشنطن عام 1926 ونشأت في ذلك العام الفدرالية الدولية للصحفيين واتخذت عددًا من الإجراءات الهادفة إلى تنظيم المهنة ذاتيا بواسطة المهنيين والخبراء من رجال الصحافة.
ويقول حبيب: إن حرية الصحافة هي حق جميع الأفراد في التعبير عن أنفسهم كتابة أو بأي شكل آخر من أشكال التعبير عن الرأي الشخصي أو الإبداع. وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن: «لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، ويتضمن هذا الحق حرية تبني الآراء من دون أي تدخل والبحث عن وتسلم معلومات أو أفكار مهمة عن طريق أي وسيلة إعلامية بغض النظر عن أية حدود». وغالبا ما تكون هذه الفلسفة مضمونة بتشريع يضمن درجات متفاوته من الحرية، ويختلف تجسيد هذه القوانين في النظام القضائي من بلد لآخر فيمكن أن تضمن في الدستور. وغالبا ما تغطى نفس القوانين مفهومي حرية الكلام وحرية الصحافة ما يعني بالتالي معالجتها للأفراد ولوسائل الإعلام على نحو متساو. وإلى جانب هذه المعايير القانونية تستخدم بعض المنظمات غير الحكومية معايير أكثر للحكم على مدى حرية الصحافة في مناطق العالم. لذا فإن مفهوم استقلال الصحافة يرتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم حرية الصحافة.
ويختتم المؤلف، مؤكدا أن حرية الصحافة هي الضمانة، التي تقدمها الحكومة لحرية التعبير، وغالبا ما تكون تلك الحرية مكفولة من قبل دستور البلاد للمواطنين. وفيما يتعلق بالمعلومات عن الحكومة فمن صلاحية الحكومة تحديد ما هي المعلومات المتاحة للعامة وما هي المعلومات المحمية من النشر للعامة بالاستناد إلى تصنيف المعلومات إلى معلومات حساسة وسرية للغاية وسرية أو محمية من النشر بسبب تأثير المعلومات على الأمن القومي. تخضع العديد من الحكومات لقوانين إزالة صفة الحرية أو قانون حرية المعلومات الذي يستخدم في تحديد المصالح القومية.
شيركو حبيب، كاتب وصحفي كردي عراقي من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، من عائلة وطنية كردية مشهود لها بالنضال والتضحية في سبيل الحقوق القومية للشعب الكردي. حاصل على بكالوريوس العلوم السياسية والقانون العلوم السياسية)، ودبلوم علم النفس، ودبلوم أساسيات الصحافة البريطانية. عضو نقابة صحفي إقليم كردستان منذ تأسيسها عام ١٩٩٨م، ومسؤول العلاقات الخارجية بها بين عامي ٢٠٠٠ – ٢٠١١م، ومسؤول مكتب نقابة صحفي كردستان في أوروبا بين عامي ٢٠٠٤-٢٠٠٠م.
هو صاحب ورئيس تحرير صحيفة كردستان اليوم، ومجلة «رينو» الصادرتين في لندن وأربيل باللغتين العربية والكردية، مؤسس وعضو لجنة دعم الديمقراطية العراقية في بريطانيا، وله أحد عشر كتابا عن القضية الكردية في الأرشيفات الوثائقية العالمية.