المركزي يكشف عن انعكاس دورة التيسير النقدي التي بدأها في أبريل الماضي على الأسواق

كشف البنك المركزي المصري عن انعكاس دورة التيسير النقدي التي بدأها في أبريل الماضي على الأسواق، وفق تقرير السياسة النقدية الصادر عن البنك المركزي مؤخرًا.
وكان قد بدأ البنك المركزي دورة التيسير النقدي في الربع الثاني من العام الجاري، وذلك في أعقاب خفض سعر العائد الأساسي بمقدار 225 نقطة أساس في 17 أبريل، ثم بمقدار 100 نقطة أساس في 22 مايو، حيث بدأت المؤشرات الأولية تعكس انتقال التغير في سعر العائد الأساسي إلى أسعار عائد الإقراض والإيداع في القطاع المصرفي.
وكشف البنك المركزي ، في تقريره، أن فائض السيولة شهد تراجعا خلال النصف الثاني من السنة المالية 2025/2024 ، الأمر الذي أسهم في تعزيز نشاط سوق الإنتربنك، كما بدأ منحنى العائد في مصر في العودة إلى طبيعته خلال الربع الرابع من السنة المالية 2025/2024 اتساقا مع دورة التيسير النقدي، مما دفع وزارة المالية أيضا إلى تمديد آجال استحقاق الدين.
أضاف أن المستثمرين الأجانب واصلوا زيادة استثماراتهم في سوق الدين المحلي، لا سيما في الأدوات طويلة الأجل ، في ظل تحسن المعنويات في الأسواق والتوقعات بمزيد من التيسير النقدي، كما شهدت عوائد السندات الدولية المصرية “اليوروبوند” انخفاضا حادا خلال الربع الرابع من السنة المالية 2025/2024 مدعومة بزيادة رغبة المستثمرين العالمية في تحمل المخاطر وتحسن الاقتصاد المحلي.
وعقب خفض البنك المركزي المصري لسعر العائد الأساسي اتجـه سـعر عائـد الإنتربنك لليلة واحدة للتراجع، إذ تم تمرير نحو 65% من إجمالي التخفيض في سعر العائد الأساسي إلى سعر الإنتربنك، مما أدى إلى انخفاض متوسط السعر إلى نحو 25.4% خلال الربع الثـاني مـن عـام 2025 مقابـل 27.5% فـي الربـع الأول مـن العـام ذاتـه.
ورغـم هـذا التراجـع، يظـل تـأثير الخفـض غيـر مكتمـل، إذ لا تـزال عمليـة الانتقال إلـى أسعار السـوق وأسـعار العائد فـي القطاع المصرفي تسير بوتيرة تدريجية.
وأوضح المركزي أن متوسط فائض السيولة خلال النصف الثاني من السنة المالية 2025/2024 انخفض ليتراجع من نحو تريليون جنيه (ما يعادل 1.2 مرة من نسبة الإحتياطي الإلزامي في نهاية النصف الأول من ذات السنة المالية)، إلى ما يقارب 550 مليار جنيه (ما يعادل 0.5 مرة من نسبة الاحتياطي الإلزامي بنهاية السنة المالية)، ليسجل أدنى مستوياته منذ الربع الأول من السنة المالية 2023/ 2024 ويعزى هذا في مستويات فائض السيولة بصورة رئيسية إلى عدد من العوامل أبرزها زيادة صافي الطروحات من الأوراق المالية الحكومية، بجانب ارتفاع النقد المتداول خارج البنك المركزي المصري، وزيادة في متوسط رصيد الاحتياطي الإلزامي التي تحتفظ بها البنوك لدى البنك المركزي المصري.
وشهد سوق الإنتربنك نشاطا ملحوظا خلال النصـف الثـاني مـن السـنة الماليـة 2025/2024 حيـث ارتفع بنسبة 14% مقارنة بالنصف الأول، وذلك مع تقييد أوضاع السيولة، مما دفع البنوك إلى زيادة اعتمادها على سوق الإنتربنك لإغراض إدارة السـيولة.
وعلى الرغم مـن ارتفـاع إجمـالي أحجـام التعاملات، لا تـزال المعاملات لليلـة تمثل النسبة الأكبر من نشاط السوق، مما يسلط الضوء على الدور المحوري للسوق في تلبية احتياجـات التمويـل قصـير الأجل ، وفـي ذات الوقـت تراجعت الحصة النسبية للمعاملات ذات أجل أسبوع واحد بشكل طفيف، لتسجل %32.5 خلال النصـف الثـاني مـن السـنة الماليـة 2025/2024 مقارنـة بنسـبة %37.9 خلال النصـف الأول مـن ذات السنة.
وفي القطاع المصرفي، بدأت أسعار الفائدة على الودائع والقروض في التراجـع عقب خفـض سعر العائد الأساسي في شهري أبريل ومايو 2025 ، ففي الربع الثاني من 2025 انخفض المتوسـط المـرجح لسـعر العائـد علـى الودائـع الجديـدة إلى 18.8% بينما تراجع سعر العائد على القروض الجديدة إلى 25.4% مقابل 21% و،26.6% على التوالي، في الربع الاول من عام 2025 مما يعكس بداية انتقال أثر خفض أسعار العائد الأساسية إلى القطاع المصرفي.
كما تراجعت عوائد الأوراق المالية الحكومية المقومة بالجنيه المصري، مقاسة بمتوسط التكلفة المرجحة للتمويل إلى 26.2% في المتوسط مقابل 27% في الربع الأول من 2025 قبل خصم الضرائب، مما يعكس استجابة أولية من جانب السوق ، وتراجع متوسط نسبة التغطية، وهي نسبة العروض المقدمة إلى المطلوب، إلى 2 مرة في الربع الثاني من عام 2025 مقابل 3 مرات في الربع الأول ، كما انخفض متوسط نسبة العرض نسبة المقبول إلى المطلوب إلى 0.7 مرة مقابل 0.9 مرة مما يشير إلى أن تأثير خفض أسعار الفائدة الأخير لم يكتمل بعد.
ومن جانب آخر، بدأ منحنى العائد في مصر خلال الربع الرابع من السنة المالية 2025/2024 في العودة إلى وضعه الطبيعي، تزامنا مع بدء البنك المركزي المصري دورة التيسير النقدي، إذ تراجع الفارق بين العائدات لاجال 3 أشهر و12 شهرا من 282 نقطة أساس إلى 192 نقطة أساس، بينما تقلص الفارق بين آجال 12 شهرا و3 سنوات بشكل كبير من 359 نقطة أساس إلى 155 نقطة أساس ، ويعكس اعتدال الجزء القصير الأجل من منحنى العائد سلوك السوق المعتاد في المراحل المبكرة من دورات التيسير النقدي، حيث تعكس العوائد القصيرة الأجل التغيرات في أسعار العائد بسرعة أكبر مقارنة بالعوائد طويلة الأجل، بما يعكس مسار أسعار العائد المستقبلي بشكل أوضح.
وبنـاء عليـه، ومـع بـدء البنـك المركزي المصري دورة التيسير النقدي، اتخذت وزارة المالية خطوات للاستفادة من انخفاض أسعار العائد من خلال توجيـه إصـداراتها نحـو الجـزء الأطول أجـلا مـن منحنـى العائـد، بهـدف إطالـة متوسـط أجـل اسـتحقاق الـدين العام وتقليل مخاطر إعادة التمويل، ووفي الربع الرابع من السنة المالية 2025/2024 أعادت وزارة المالية طـرل سـندات ثابتة العائد لأجل 5 سـنوات، بالإضافة إلى مواصلة إصدار السندات ذات العائد المتغير ألجل 3 سنوات و5 سنوات.
وفـي ظـل تحسـن المعنويات فـي الأسواق تجاه المخاطر في مصر، زادت مشاركة مستثمري حافظة الأوراق المالية في سوق الدين المحلي، حيث ارتفعت استثماراتهم في الأدوات طويلة الأجل، بما في ذلك السندات ثابتة العائد لأجل 5 سنوات التي أعيـد طرحهـا فـي الاونة الأخيرة ، وجـاء هـذا الاهتمام المتجـدد مـدعوما بتوقعـات بمزيـد مـن الخفض فـي أسـعار العائـد خلال عـام 2025 إلـى جانـب تنـامي الثقـة فـي اسـتدامة مسـار الإصلاح الاقتصادي الكلي في مصر.