بشراكات أجنبية …. عُمان ترسّخ مكانتها كمركز استثماري ولوجستي في الشرق الأوسط
احمد دياب
أصبحت سلطنة عمان وجهة استثمارية عالمية من خلال نهجها المتبع وسياستها الاقتصادية المنفتحة، حيث اتسمت سياستها بوضوح من خلال تقديم حزمة من الحوافز الجاذبة للاستثمار شملت السماح بالتملك الأجنبي بنسبة 100%، إلى جانب تسهيلات ضريبية وجمركية، وتبسيط إجراءات التراخيص عبر منصات رقمية متطورة ليضعها محطة جذب للاستثمار من قبل الشركات العالمية.
فقد سلّطت وسائل إعلام صينية الضوء على استثمارات جهاز الاستثمار العُماني مع الصين على هامش مشاركة الجهاز في القمة العالمية (الحزام والطريق) في هونج كونج، مؤكدة عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث أشادت بالمقومات الاقتصادية والجغرافية التي تميز سلطنة عمان، لافتة إلى أن عُمان تمثل النموذج الأبرز في منطقة الشرق الأوسط في تعميق الارتباط الاقتصادي مع الصين، مشيرة إلى أن الصين أصبحت أكبر شريك تجاري لسلطنة عمان في العام الماضي 2024م، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية نحو 36.73 مليار دولار أمريكي، شملت الصادرات الصينية كالمنتجات الميكانيكية والكهربائية والسلع التقنية المتقدمة.
وقد ضخ الاستثمار العُماني أكثر من 2 مليار دولار أمريكي في السوق الصيني ضمن محفظة استثمارية متنوعة تجمع بين الاستثمارات المباشرة والصناديق في مجالات الرعاية الصحية والتقنية الحيوية وغيرها من القطاعات ذات القيمة المضافة.
فضلاً عن أن الشراكة بين جهاز الاستثمار العُماني و«تمبل ووتر» تعزز الحوارات الجارية، وتسلط الضوء على دور هونج كونج كبوابة لرؤوس الأموال والابتكار بين سلطنة عمان والبر الرئيسي الصيني.
وفي هذا السياق، قال جون لي، الرئيس التنفيذي لشركة تمبل ووتر الصينية أن سلطنة عمان لديها ميزات تنافسية يجعلها بيئة مثالية لتوطين الصناعات والأنشطة التصنيعية، وموقعا لوجستيا فريدا للتجارة العالمية، وأشاد بتركيز العُمانيين على التنفيذ العملي وحل المشكلات بدلًا من الاكتفاء بعقد الاجتماعات؛ ما يجعل بيئة الأعمال في عُمان أكثر جاذبية للشركات العالمية.
وبرزت سلطنة عمان شراكاتها مع كبرى الصناديق والشركات العالمية منها إطلاق أعمال أول صندوق مشترك لتحوّل الطاقة بين صندوق «عُمان المستقبل» التابع لجهاز الاستثمار العُماني، وشركة «تمبل ووتر» الصينية المتخصصة في إدارة الأصول البديلة، برأس مال يبلغ نحو 200 مليون دولار أمريكي (حوالي 77 مليون ريال عُماني)، حيث يستهدف الصندوق الاستثمار في قطاعات واعدة تشمل الكهرباء النظيفة، والوقود النظيف، وتخزين الطاقة، والوقود الصناعي الإلكتروني، والتنقل الذكي، والطاقة المتجددة، ومراكز البيانات منخفضة الانبعاثات.
وأنشاء صندوق عمان المستقبل 3 صناديق مشتركة مع كبرى الشركات الصينية باستثمارات تصل إلى 290 مليون دولار ومصنع في المنطقة الحرة بصحار، حيث تم إنشاء «صندوق آي دي جي عُمان المستدام» بالشراكة مع شركة «آي دي جي كابيتال» الصينية للاستثمار داخل سلطنة عمان، ويهدف إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودعم نمو قطاعات التصنيع المتقدم والتقنيات النظيفة من خلال صفقات تتراوح قيمتها بين 30 و60 مليون دولار أمريكي، وتركّز على الطاقة الجديدة (كالطاقة الشمسية وتقنيات الهيدروجين)، وسلاسل توريد السيارات الكهربائية وبُناها الأساسية، إضافة إلى البنية الأساسية التقنية.
كما أسس صندوق عمان المستقبل «صندوق إي دبليو تي بي عمان المستدام» مع شركة «إي دبليو تي بي آرابيا كابيتال» الصينية ليضخ من 10 إلى 15 استثمار في سلطنة عُمان تصل قيمتها إلى 30 مليون دولار أمريكي، وتركز على قطاعات البنية الأساسية لتقنية المعلومات والاتصالات/البنية الأساسية الرقمية، والصناعات المتقدمة، والطاقة المتجددة، والسياحة، والزراعة.
واستثمر الصندوق مع شركة (يونايتد سولار) الصينية لتمويل إنشاء مصنعها في المنطقة الحرة بصحار الذي يعد أكبر مصنع من نوعه في العالم خارج الصين، والأول من نوعه في الشرق الأوسط في صناعة البولي سيليكون، ويسهم في تطوير صناعات الشق السفلي للطاقة المتجددة، بما في ذلك صناعة الألواح الشمسية، حيث تصل طاقته الإنتاجية إلى 100 ألف طن سنويًا.
ويسعى الصندوق بشكل أساسي إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لا سيما من قادة الصناعة الصينيين، ونقل المعرفة والتقنية، وإيجاد فرص عمل محلية، وتعزيز سلاسل التوريد، وترسيخ مكانة سلطنة عمان إقليميا كمركز استثماري إستراتيجي من خلال الاستفادة من الأداء الإيجابي الذي تميزت به شركة «إي دبليو تي بي» في الاستثمار في مجالات البنية الأساسية الرقمية، والخدمات اللوجستية، والتقنية المالية.
كما أن «رؤية عمان 2040» تعمل بدور بارز جراء توافق أهدافها في تنويع مصادر الدخل، واستقطاب استثمارات نوعية في قطاعات المستقبل مثل الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والصناعات التحويلية، والتقنيات الرقمية، والسياحة، والخدمات اللوجستية.