منوعات

رحيل العالم الجليل د. عمر هاشم من منابر الأزهر إلى ذاكرة الأمة

ناصرعبدالحفيظ يكتب

رحل صباح الثلاثاء السابع من أكتوبر 2025 العالم الجليل والداعية الكبير الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء والرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، عن عمر ناهز الرابعة والثمانين عامًا. وقد أعلنت أسرته أن صلاة الجنازة ستُقام في الجامع الأزهر، على أن يُشيَّع جثمانه إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه بقرية بني عامر بمحافظة الشرقية، حيث وُلد ونشأ وتربّى على حب العلم والدين.

وُلد الدكتور أحمد عمر هاشم في السادس من فبراير عام 1941، وتخرّج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1961، ثم حصل على الإجازة العالمية عام 1967، فالماجستير والدكتوراه في الحديث وعلومه، قبل أن يتدرج في السلك الأكاديمي حتى نال درجة الأستاذية عام 1983. وعلى مدى مسيرته الطويلة، مثّل نموذجًا للعالم الأزهري المتعمق في العلم، المتواضع في الخُلق، والملتزم برسالة الأزهر في الدعوة إلى الاعتدال والوسطية.

عُرف الدكتور أحمد عمر هاشم بعلمه الغزير في الحديث الشريف، وبجهوده في ترسيخ المنهج الأزهري القائم على الوسطية والتوازن. وكان من أبرز علماء الأمة الذين تصدّروا المنابر والمحافل العلمية مدافعين عن السُّنة النبوية وعن صورة الإسلام السمحة. تولّى رئاسة جامعة الأزهر في فترة حافلة بالتحديات، فعمل على تطوير المناهج وتوسيع فروع الجامعة في المحافظات، وحرص على الجمع بين الأصالة والتجديد في العملية التعليمية. كما كان عضوًا فاعلًا في مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، حيث أسهم في إصدار العديد من الفتاوى والبيانات التي عبّرت عن الموقف الوسطي للأزهر تجاه قضايا العصر.

لم يقتصر عطاؤه على المجال الأكاديمي، بل امتد إلى الدعوة والإعلام والعمل العام. كان خطيبًا مفوّهًا حاضرًا في الندوات الدينية والبرامج التلفزيونية، يتحدث بأسلوب رصين قريب من القلوب، يدعو إلى الرحمة والتسامح ونبذ الغلو، مؤكدًا أن الدين رسالة محبة وعدل. كما عُرف بمواقفه الوطنية والقومية، إذ لم يتأخر يومًا عن دعم قضايا الأمة، وفي مقدمتها قضية القدس وفلسطين، التي كانت دائمًا حاضرة في أحاديثه ودروسه.

ترك الدكتور أحمد عمر هاشم إرثًا علميًا وفكريًا كبيرًا من المؤلفات في الحديث وعلومه والسيرة النبوية والدعوة الإسلامية، تُدرّس بعضها في كليات الأزهر وتُعتمد كمراجع للباحثين وطلاب العلم. وقد تتلمذ على يديه مئات من العلماء والدعاة داخل مصر وخارجها، الذين واصلوا حمل رسالته في نشر العلم والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

برحيله يفقد الأزهر الشريف والأمة الإسلامية أحد رموزها البارزين، وعالمًا جمع بين العلم والعمل، بين الكلمة الصادقة والموقف المخلص. سيبقى اسمه حاضرًا في ذاكرة الأزهر وقلوب طلابه ومحبيه، وسيظل علمه نورًا يهتدي به السائرون في طريق الدعوة والعلم.

رحم الله الدكتور أحمد عمر هاشم، وجزاه عن علمه ودعوته خير الجزاء، وألهم أهله وطلابه وتلاميذه الصبر والسلوان