تقارير

الصين تواصل رحلتها نحو الفضاء: إطلاق جديد يعزز ريادتها في التكنولوجيا والابتكار

احمد دياب

في خطوة جديدة تؤكد الطموح الصيني المتزايد نحو التفوق العلمي والتكنولوجي، أطلقت الصين اليوم الأحد مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية التجريبية إلى الفضاء، في مشهد يعكس مدى إصرار بكين على تعزيز حضورها في ميدان الفضاء العالمي. ووفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، فقد انطلق الصاروخ الحامل من طراز “لونغ مارش-11” في تمام الساعة الخامسة ودقيقة واحدة صباحًا بتوقيت بكين، من مركز تاييوان لإطلاق الأقمار الاصطناعية، حاملاً ثلاثة أقمار تجريبية من طراز “شييان-32”، والتي نجحت في دخول المدار المحدد لها بدقة.

تمثل هذه العملية أحدث إنجاز في سلسلة طويلة من عمليات الإطلاق الناجحة التي تقوم بها الصين ضمن برنامجها الفضائي الطموح، حيث تعد المهمة رقم 606 ضمن سلسلة الصواريخ الحاملة من طراز “لونغ مارش”، ما يعكس استمرار الجهود الصينية لتطوير منظوماتها الفضائية المدنية والعسكرية على حد سواء. ويُعد هذا الرقم دليلاً واضحًا على حجم التقدم والقدرة التي وصلت إليها بكين في مجال تكنولوجيا الفضاء، خاصة وأنها باتت تنافس بقوة القوى التقليدية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا.

وتُستخدم الأقمار الاصطناعية الثلاثة التي تم إطلاقها لأغراض تجريبية في مجالات متعددة، من بينها اختبار تقنيات جديدة تعتمد على الفضاء وتطوير أدوات اتصالات واستشعار متقدمة. ويؤكد هذا الإطلاق أن الصين لا تكتفي فقط بالوصول إلى الفضاء، بل تسعى إلى تحويله إلى ميدان للتجربة والتطبيق العملي، بما يخدم أهدافها المستقبلية في مجالات الاتصالات والملاحة والأمن القومي.

وجاءت عملية الإطلاق هذه من المياه قبالة ساحل مدينة هاييانغ في مقاطعة شاندونغ بشرقي الصين، ما يعكس توسع الصين في استخدام تقنيات الإطلاق البحري الحديثة، والتي تمنح مرونة أكبر في تحديد المواقع والمسارات المدارية للأقمار الاصطناعية. وتعتبر هذه التقنية من أحدث ما وصلت إليه عمليات الإطلاق الفضائي حول العالم، حيث تسمح بنقل المعدات الثقيلة إلى الفضاء من مواقع متحركة، بعيدًا عن القيود الجغرافية التي تفرضها منصات الإطلاق الأرضية.

ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها تأكيدًا جديدًا على أن الصين تسير بخطى واثقة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل في تكنولوجيا الفضاء، وتعزيز موقعها ضمن الدول القليلة التي تمتلك قدرات إطلاق متقدمة ومستقلة. كما تؤكد على استمرار الاستثمار في البحوث العلمية والتجريبية التي تمهد الطريق لمشروعات مستقبلية أكثر طموحًا، مثل استكشاف القمر والمريخ وتوسيع شبكة الأقمار الاصطناعية لخدمة الاتصالات العالمية.

بهذا الإطلاق، تثبت الصين مرة أخرى أنها لاعب رئيسي لا يمكن تجاهله في سباق الفضاء العالمي، وأن برنامجها الفضائي لم يعد مجرد مشروع طموح، بل أصبح واقعًا متناميًا يعكس رؤية استراتيجية لبناء مستقبل يعتمد على العلم والتكنولوجيا والابتكار المستمر.