تقارير

قمة الهيدروجين الأخضر تترجم الجهود الاستراتيجية لسلطنة عُمان لتعزيز أمن الطاقة

احمد دياب

 

شهدت سلطنة عُمان أعمال النسخة الرابعة من قمة عُمان للهيدروجين الأخضر 2025، ضمن جهود تسليط الضوء على التطور الذي يشهده القطاع وانتقال سلطنة عُمان من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ.

وقال المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن إن تنظيم قمة الهيدروجين الأخضر 2025، يمثل امتدادًا للجهود الاستراتيجية لسلطنة عُمان لتعزيز أمن الطاقة محليًا وعالميًا، وترسيخ موقعها كمنصة محورية في تطوير صناعات الهيدروجين منخفض الكربون. وأن القمة كذلك تعكس النهج الذي تتبناه وزارة الطاقة والمعادن، والمبني على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وتعظيم القيمة الاقتصادية لسلاسل الإمداد؛ حيث عكفت السلطنة خلال الأعوام الماضية على صياغة سياسات واضحة، وإرساء أطر تنظيمية وتنفيذية قادرة على مواكبة النمو المُتسارِع لهذا القطاع.

تنعقد القمة هذا العام تحت شعار “مسار الهيدروجين.. بناء الجسور وتعزيز الإنجاز”، في إطار جهودها لتهيئة منصة تجمع المسؤولين وصنّاع القرار والخبراء والمستثمرين؛ بهدف مناقشة السياسات والتشريعات والفرص الاستثمارية المرتبطة بالهيدروجين الأخضر، واستعراض أحدث التقنيات وتوجهات الأسواق الدولية.

وفي الواقع فإنه بعد مرور عامين على إطلاق الإطار المؤسسي لقطاع الهيدروجين الأخضر، انتقلت سلطنة عُمان إلى مرحلة التنفيذ الفعلي؛ حيث تتكامل المشاريع والبنية الأساسية والأطر التنظيمية ضمن منظومة وطنية واحدة مصمَّمة للتوسع وتعزيز التنافسية على المدى الطويل. إذ تشهد المرحلة الحالية تقدم 7 مشاريع يجري تطويرها حسب الخطة المقررة بطاقة إنتاجية إجمالية تصل إلى مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول 2030، بينما تم الاتفاق على إنهاء مشروعيْن آخريْن بعد مراجعة المطوّرين لجدواهما في ضوء المستجدات التي يشهدها السوق العالمي. وهذا المشهد يعكس قدرة السلطنة على المحافظة على بيئة مرنة تتجاوب مع معطيات السوق بما يضمن استمرارية تقدم البرنامج الوطني.

ولعل من أبرز تطورات المنظومة الوطنية دخول مشروع “أكمي” للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم حيز التنفيذ، ويتكون المشروع من 3 مراحل؛ تستهدف الأولى- التي دخلت بالفعل مرحلة الإنشاء- إنتاج 100000 طن من الأمونيا الخضراء و17000 طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2027. وتابع أنه يجري التجهيز لبدء المرحلة الثانية، لتضيف 71000 طن من الهيدروجين الأخضر و400000 طن من الأمونيا الخضراء سنويًا، أما الثالثة فتتوقع إضافة نفس القدرة الإنتاجية للمرحلة الثانية، ومع بدء ضخ الاستثمارات وطلب المعدات وانطلاق أعمال الإنشاء، يترجم المشروع الرؤية الوطنية إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع.

تستند رحلة عُمان في تطوير اقتصاد الهيدروجين إلى رؤية طويلة المدى تسعى إلى معالجة ما يمكن وصفه بـ”معادلة التنافسية الثلاثية”، والمتمثلة في: خفض التكلفة، وضمان التنفيذ، والموقع الاستراتيجي. وتجسد الجولة الثالثة من مزايدات الهيدروجين الأخضر استمرارَ النهج المرحلي الذي تتبعه سلطنة عُمان في تطوير هذا القطاع الواعد؛ بمشاركةٍ واسعةٍ لأكثر من 130 شركة من مختلف الأسواق العالمية، في انعكاسٍ واضحٍ لثقة المستثمرين في الإطار التنظيمي والبيئة الاستثمارية التي رسّختها السلطنة، وجاء اعتماد حزمة الحوافز المالية التي تبلغ قيمتها نحو 3.6 مليار دولار أمريكي خلال هذا العام؛ استنادًا إلى نتائج الجولات السابقة، بهدف دعم المشاريع في مراحلها الأولى وتعزيز استقرارها المالي. ومع تواصل تنفيذ خطط تخصيص الأراضي وتطور الأطر التنظيمية وتنامي القدرات المحلية في سلاسل الإمداد، يمضي قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان بثقةٍ نحو مرحلةٍ جديدةٍ من النمو والنضج والاستدامة.