” ويلمر آومار بارينتوس ” سفير فنزويلا في مصر : 75 عامًا من العلاقات المصرية – الفنزويلية مسار ثابت وشراكة راسخة
“شافيز ” يسير على نهج ” عبد الناصر” في الدفاع عن سيادة الدول
محطات تاريخية صنعت التقارب بين القاهرة وكاراكاس
مصر حجر أساس في الاستقرار الإقليمي ودورها يتجاوز الجغرافيا
مواقف مشتركة في القضايا الدولية مع مصر وعلى رأسها القضية الفلسطينية
تعاون اقتصادي وتجاري متنامٍ بين بلدين يمتلكان إمكانات هائلة
الثقافة والتعليم.. جسور دائمة بين الشعبين
فنزويلا والجذور العربية.. حضور تاريخي يعزز الروابط المصرية
رؤية مستقبلية لعقود جديدة من الصداقة والتعاون
فنزويلا تدين التهديد الأميركي لمجالها الجوي وتؤكد سيادتها الكاملة وسط رفض دولي
كاراكاس ترفض التدخل الأمريركي في أجوائها وتدعو المجتمع الدولي للالتزام بالقانون الدولي
التهديد لمجال فنزويلا الجوي يثير استنكار الحكومة ويعزز سيادة البلاد
فنزويلا تؤكد حقها السيادي المطلق في أجوائها وتدين سياسة العدوان الأحادي

احمد دياب
بمناسبة مرور خمسة وسبعين عامًا على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين مصر وفنزويلا، يكشف السفير الفنزويلي في القاهرة في هذا الحوار الشامل عن مسار العلاقات بين البلدين، وأهم المحطات التاريخية التي رسخت التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بينهما، مؤكدًا المكانة الاستراتيجية لمصر في محيطها العربي والأفريقي، ومسلطًا الضوء على آفاق جديدة للشراكة الثنائية خلال السنوات المقبلة. كما يتناول السفير رؤية بلاده للتحديات الدولية، والتقارب الثقافي بين الشعبين، وأدوار المجتمع العربي في فنزويلا، وصولًا إلى رسالته للشعب المصري في هذه المناسبة التاريخية كان لنا حوار مع سعادة السفير ” ويلمر آومار بارينتوس ” سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية في مصر.
معالي السفير، نحتفل هذا العام بالذكرى الخامسة والسبعين للعلاقات بين مصر وفنزويلا… كيف تُقيّمون مسار هذه العلاقات على مدى العقود الماضية؟
لقد اتفقت فنزويلا ومصر على مدى 75 عامًا من العلاقات بينهما على الالتزام الصارم بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، والمتعلقة بالمساواة في السيادة بين الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، واحترام سيادة وتقرير المصير الحر للشعوب، فضلاً عن رفضنا للإرهاب والتطرف بجميع أشكالهما ومظاهرهما.
ما هي أبرز المحطات التاريخية التي ترون أنها كانت أساسية في تطور العلاقات بين البلدين؟
قامت فنزويلا ومصر بإضفاء الطابع الرسمي على علاقاتهما الدبلوماسية من خلال تبادل مذكرات تم في واشنطن العاصمة في 15 نوفمبر 1950، وبذلك الفعل التأسيسي بدأت عملية تقارب ثنائي مكّنت من تطوير روابط صداقة واحترام وتعاون مثمرة، مما أسفر عن إقامة إطار من الأخوة والانسجام ساد فوق البعد الجغرافي الذي يفصل أمريكا اللاتينية عن القارة الأفريقية والعالم العربي. في هذا المسار الطويل، بنت بلدانا جسورًا من التفاهم والتقارب مما مهد لآفاق أوسع للتعاون في مجالات متنوعة.
كان السياق الدولي الذي جسّد فيه كلا البلدين إرادتهما السياسية لمأسسة علاقاتهما الدبلوماسية يتسم بالظهور التدريجي لنظام دولي جديد ما بعد الحرب، تميز بالاهتمام الجماعي بضمان السلام والأمن العالميين بعد فظائع الحروب التي شهدتها النصف الأول من القرن العشرين.
بدأت مصر وفنزويلا هذا المسار المتناغم في خضم عملية إنهاء الاستعمار التي بدأت بشكل خجول في العقود السابقة وتكثفت بدءًا من الخمسينيات بسبب الرغبة القوية للمستعمرات السابقة في الدفاع عن هويتها وتحقيق الاستقلال الذي طالما حلمت به.
بعد ذلك، تبنى البلدان قضية الدفاع عن حقوق شعوب العالم الثالث وإقامة نظام عالمي جديد، وهي أفكار دفع بها قادة قوميون مثل الجنرال جمال عبد الناصر، الذي ستبقى أعماله محفورة في النضال من أجل احترام سيادة الدول وضد الوصاية الإمبريالية، وهو عمل ألهم أجيالاً أخرى استمرت في هذه الممارسة المناهضة للإمبريالية، كما كان الحال مع القائد هوغو شافيز.
في هذه الذكرى التاريخية، يجدر التذكير بأن كلا البلدين حافظا على نقاط التقائهما ووسعاها في الدفاع عن الشرعية الدولية، أي الالتزام الصارم بمبادئ القانون الدولي لتعزيز النظام متعدد الأطراف المتمثل في الأمم المتحدة والمنصوص عليه في ميثاق سان فرانسيسكو أو ميثاق الأمم المتحدة.
كيف تنظر فنزويلا إلى دور مصر في المنطقة العربية والأفريقية؟
نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي – نقطة وصل بين العالم العربي وأفريقيا والمجتمع الإسلامي وآسيا وأوروبا – ونظرًا لنفوذها الحضاري المعترف به وسلوكها الدبلوماسي البناء والمتوازن، تلعب مصر دورًا كبيرًا في الاستقرار الإقليمي مع انعكاسات واضحة على السلام والأمن الدوليين. إنها قيادة لا شك فيها تساهم بشكل قيم في تحقيق التفاهم والتعايش السلمي بين الأمم.
منذ العصور السحيقة، كانت مصر نقطة لقاء استراتيجية، وهذا الموقع الجغرافي المتميز، إلى جانب إسهامها الذي لا يُقدّر في الحضارة الإنسانية، يجعلان منها فضاء للوحدة ويحددانها كفاعل رئيسي يلعب دورًا كبيرًا في إدارة الشؤون الإقليمية التي تؤثر على العلاقات الدولية في عصرنا.
مصر هى عامل أساسي من أجل السلام والاستقرار الإقليميين، بقيادة معترف بها في العالم العربي-الإسلامي، وتُعطي أولوية قصوى للشؤون الأفريقية، خاصة في السعي لتحقيق السلام القاري. ومن هذا الفعل البناء، تنبثق المساهمات التي تقدمها مصر للسعي نحو حلول تفاوضية للصراعات المختلفة التي تدور في المحيط أو الجوار المصري.

هل هناك تنسيق مشترك في المواقف السياسية بشأن القضايا الدولية المهمة مثل القضية الفلسطينية أو أزمة الطاقة العالمية؟
تشترك فنزويلا ومصر في موقع جغرافي استراتيجي يفسر هذا الدور الطبيعي كدول محورية لالتقاء الثقافات. تقع فنزويلا في قلب أمريكا اللاتينية، وهي دولة كاريبية، أطلسية، أندينية وأمازونية، لها دور بارز في عمليات الاستقلال في أمريكا الإسبانية، التي حدثت في القرن التاسع عشر، وفي التحولات السياسية التي شهدها القارة في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين. منذ أزمنة سحيقة، كانت مصر الحالية نقطة التقاء في مجالات مختلفة، مما شكل “شخصيتها متعددة الأبعاد” كأمة عربية، أفريقية، متوسطية وإسلامية، بقيادة جيوسياسية وبمساهمات ملموسة في دفع الحوار بين الأديان والحضارات كعنصر أساسي لتحقيق السلام.
كدولتين صاعدتين تنتميان إلى الجنوب العالمي، فإن شعبَيْ مصر وفنزويلا يتشابهان في الكثير. نحن الفنزويليون واعون بحقيقة الهوية والانتماء لمصير مشترك.
الدافع المشترك لبناء عالم أكثر عدلًا وشمولًا شجّع العمل المشترك من أجل تدعيم وإنعاش حركة عدم الانحياز والعمل المتحد لتقوية التعاون سعياً لتقدم ورفاهية شعوبنا، و شعوب الجنوب من الأمثلة الحديثة على ذلك مساهمات البلدين في التقارب التكاملي بين أفريقيا وأمريكا الجنوبية، عبر آلية ASA، وبين شعوب العالم العربي وأمريكا الجنوبية، في إطار مخطط ASPA.
يعمل بلدانا على إنعاش التعاون بلدان الجنوب والمطالبة بالطموحات المشروعة للأمم المنتمية للجنوب العالمي، وفي هذه المهمة، نولي أولوية للدفاع عن المبادئ الأساسية للقانون الدولي، مع اهتمام خاص بالمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة التي تُعطي أولوية لتقوية الدبلوماسية متعددة الأطراف لتحقيق السلام العالمي.
أعادت فنزويلا التأكيد، في جميع المحافل العالمية، على موقفها الثابت الداعٍ لفلسطين وحقها التاريخي في أن تنشئ دولة حرة، مستقلة ذات سيادة مع اعتراف كامل من المجتمع الدولي. ونحن نقر بالفعل التاريخي لمصر في الدفاع عن مركزية وأهمية القضية الفلسطينية، كما تجلى في قمة السلام بشرم الشيخ وفي مؤتمر إعادة إعمار غزة المبكرة.
تؤكد فنزويل على تضامنها الراسخ مع الشعب الفلسطيني البطولي والتزامها بمواصلة مرافقته، في جميع الساحات الدولية، في نضاله من أجل سلام عادل ودائم وقائم على السيادة والكرامة والحقيقة.
بخصوص الأمن الطاقي العالمي، يجب أن نسلط الضوء على أن مصر وفنزويلا هما ممثلان مهمان في سوق الهيدروكربون العالمي، وكلتا البلدين شريكتان في منتدى الدول المصدرة للغاز.
لتعزيز مساهمة وتنسيق أكبر في الموازنة الطاقية العالمية، ترغب فنزويلا في دفع تقارب أكبر بين قطاعي المحروقات في الدولتين، مستفيدة من التجارب والإمكانيات المشتركة في هذا المجال، مؤكدة أن العلاقات الطاقية بين فنزويلا ومصر تقوم على وجود أوجه تشابه ونقاط قوة بين شركتيهما الوطنيتين، خاصة في تبادل الخبرات في مشاريع الغاز، بأخذ نقاط القوة المصرية في هذا الشأن بعين الاعتبار.
تحافظ بلدانا على رؤية استراتيجية لتطوير صناعاتهما النفطية والغازية على التوالي، ونحن نتفق على أهمية دفع التعاون الثنائي في هذا المجال. إنها أجندة للتطوير في المستقبل، والتي بدون شك، ستستوجب تبادلات متخصصة بين فنيي صناعات المحروقات المعنية لتحديد نطاق المشاريع المشتركة التي سيتم تطويرها في المجال الطاقي.
لتشجيع مساهمة أكبر وتنسيق أفضل في التوازن الطاقة العالمي، ترغب فنزويلا في تعزيز التقارب بين قطاعي الهيدروكربون في الدولتين، مستفيدة من الخبرات والإمكانيات المشتركة في هذا المجال، مؤكدة على أن العلاقات الطاقة بين فنزويلا ومصر تقوم على وجود أوجه تشابه ونقاط قوة بين شركاتهما الوطنية، خاصة في تبادل الخبرات في مشاريع الغاز.
مراعاة نقاط القوة المصرية في هذا الشأن.
تحافظ بلدينا على رؤية استراتيجية لتطوير صناعاتهما النفطية والغازية على التوالي، ونحن نتفق على أهمية تعزيز التعاون الثنائي في هذا المجال. إنها أجندة قيد التطوير للمستقبل، والتي لا شك أنها ستستدعي تبادلات متخصصة بين خبراء صناعات الهيدروكربون المعنية لتحديد نطاق المشاريع المشتركة التي سيتم تطويرها في المجال الطاقة.
ثانيًا: التعاون الاقتصادي والتجاري
ما هو حجم التجارة الثنائية بين مصر وفنزويلا حالياً؟ هل توجد خطط لزيادتها؟
من منظور الاستراتيجية الجغرافية التجارية، قد منحت فنزويلا ثروات طبيعية ومعادن وموقعاً مميزاً، مما جعلها تمثل البوابة الرئيسية لقارة أمريكا الجنوبية، مقدمة للتجارة الدولية بنية تحتية لوجستية قوية تتيح الاتصال لعبور البضائع جواً وبراً وبحراً، من العالم إلى الأسواق الإقليمية.
كما أن هذا الموقع الفريد والبنية التحتية المتطورة يجعلان الجمهورية البوليفارية الفنزويلية أيضاً موقعاً استراتيجياً مربحاً للغاية للاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يسهلان وضع منتجاتها سواء داخل الإقليم أو في الأسواق الناشئة المجاورة.
التجارة بين بلدينا لا تزال في بداياتها، ولكن نظرًا للإمكانيات والتكامل بين اقتصاداتنا، فإننا نعمل على تعزيز التبادل التجاري في كلا الاتجاهين وترسيخ إطار تبادل مفيد للطرفين لشعبينا، في إطار عمل يضمن الربح للجميع. يعمل البلدان على تشجيع المزيد من التبادل التجاري وتوسيع روابط الأخوة بين شعبينا أكثر، بهدف تحقيق ديناميكية أكبر في المعاملات التجارية.
الميزان التجاري الثنائي يشمل معاملات في قطاعات الزراعة والصناعات الغذائية، والمواد الغذائية، والمعادن، والصناعات التحويلية المتنوعة، والمواد الكيميائية، والآلات والمعدات، والرعاية الصحية، والمنسوجات والأحذية، والمنتجات الخشبية، و صناعة السيارات وصناعة المعادن.

ما هي القطاعات الاستثمارية الرئيسية التي يمكن أن تشهد تعاونً مستقبليًا بين البلدين؟
من الجانب الفنزويلي، نرغب في أن تكون نقاط الاتفاق متعددة الأطراف، والحوار السياسي المثمر المستمر، والتبادلات الثقافية الدائمة، أدوات للتقدم نحو تقارب اقتصادي وتجاري أكبر، واستثمارات متبادلة.
نحن نعمل معًا لتحقيق ديناميكية أكبر في أجندة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري الثنائية وإعطاء الدفع اللازم لرفع تبادلاتنا إلى آفاق أوسع في إطار بناء ومفيد للطرفين.
تولي الجمهورية البوليفارية الفنزويلا أهمية كبرى لدفع عجلة التبادلات الاقتصادية والتجارية مع جمهورية مصر العربية، بحيث تعكس نقاط التوافق والاتصالات الهامة التي يتم تشجيعها على المستوى السياسي والدبلوماسي، مستفيدة من الإمكانيات وأوجه التكامل بين البلدين لزيادة المعاملات وتدفق الاستثمارات في كلا الاتجاهين، إذ يمكننا معًا استشراف سبل للتقارب لخلق تكامل والاستفادة من المستقبل الواعد للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين فنزويلا ومصر.
في مواجهة التحديات الحالية التي يتميز بها عالم متغير، نحن نركز على الدفاع عن التطلعات المشروعة للجنوب العالمي ودفع عجلة التبادلات الثنائية في مختلف مجالات الاهتمام المشترك، مستفيدين من الإمكانيات، ونقاط القوة، والمزايا النسبية والتنافسية لكلا البلدين، مع إعطاء الأولوية لنهجة الربح للجميع الذي يعود بالنتائج الملموسة على شعبينا.
في مواجهة التحديات الحالية النابعة من عالم متغير، نحن مصممون على الدفاع عن التطلعات المشروعة للجنوب العالمي وتعزيز التبادل الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، مستفيدين من الإمكانات، ونقاط القوة، والمزايا النسبية والتنافسية لكلا البلدين، مع إعطاء الأولوية لنهج الربح للجميع الذي يفيد شعوبنا بنتائج ملموسة.
ووفقًا للمبادئ التوجيهية التي وضعها الرئيس نيكولاس مادورو، فقد وجهت عملي الدبلوماسي إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين الشقيقين وتطوير وتوطيد مشاريع التعاون ذات الاهتمام المشترك في المجالات الاقتصادية-التجارية، والطاقة، والتعدين، والسياحة، والبنوك والتمويل، والنقل الجوي والبري، والصناعة الدوائية، والزراعة؛ بهدف زيادة مستوى التبادلات في إطار مفيد للطرفين.
هل هناك تحركات لتنظيم منتدى اقتصادي أو بعثات تجارية لتقديم فرص السوق الفنزويلي للمستثمرين المصريين؟
نحن نعمل على تعزيز تدفق الاستثمارات في كلا الاتجاهين. في هذا الصدد، تضع الحكومة الفنزويلية اهتمامًا خاصًا لتعزيز التقارب الفعال بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين بهدف وضع جدول أعمال عمل بشكل مشترك. سيركز هذا الجدول الزمني الثنائي على تحقيق معارض أو دورات للأعمال تروج للفرص، والتفاعل، وتعزيز العرض القابل للتصدير في كلا الاتجاهين بين فنزويلا ومصر، مما يؤدي إلى فتح آفاق وحدود تجارية جديدة، بدعم من القطاعين العام والخاص.
ثالثًا: التعاون الثقافي والعلمي
كانت الثقافة دائمًا جسرًا بين الشعوب… ما هي أبرز الأنشطة الثقافية التي تنظمها سفارتكم للتعريف بالثقافة الفنزويلية للمصريين؟
تولي فنزويلا أهمية خاصة للعلاقات الثنائية مع مصر، وفي هذا الإطار، فإن لديها اهتمامًا خاصًا بتعزيز مزيد من التعاون في المجال الثقافي. تحتفظ فنزويلا ومصر “باتفاقية التعاون الثقافي” سارية المفعول، والتي وُقِّعت عام 1981، وهي أداة تعكس رغبة البلدين في تكثيف العلاقات بين شعبيهما، إذ نحن على يقين من أنه يمكن توسيع هذه العلاقات من خلال التعاون والتبادل الثقافي ونشر المعلومات حول التقدم المحرز في مجال الثقافة والعلوم والفن.
وبهذه الروح، شجّع كلا الطرفين أنشطة تساهم في التعرف بشكل أفضل على ثقافاتها الخاصة، وأحداثها التاريخية، وعاداتها، وأنشطتها الفكرية والعلمية الرئيسية.
كمكمل لهذه الاتفاقية، قمنا بتطوير عدة برامج تنفيذية تشمل تبادل المعلومات والمتخصصين في مجال الحفظ، والترميم، والرقمنة للتراث الثقافي المادي وغير المادي، كما يُتوقع تبادل المعلومات المتعلقة بالاكتشافات الأثرية الحديثة.
بذل البلدان جهودًا لتعزيز مزيدًا من التعاون في المجال الثقافي وتقوية أواصر الأخوة بين شعبينا أكثر من أي وقت مضى، من أجل تحقيق مستوى أعلى من التبادل في هذا المجال، مع التركيز بشكل خاص على مجال علم المتاحف، وترميم التراث، ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، وكذلك المشاركة المتبادلة في المهرجانات الثقافية.
هل هناك برامج لتبادل الطلاب أو منح دراسية بين الجامعات المصرية والفنزويلية؟
في هذا المجال، أنشأنا روابط ممتازة بين المؤسسات مع جامعات القاهرة، وعين شمس، وحلوان، وأكاديمية السادات، مما سمح لنا بتنظيم بعض الأنشطة المشتركة وتطوير برنامج للتدريب في السفارة للطلاب المصريين المتخصصين في اللغة الإسبانية.
توجه فنزويلا سياستها التعليمية لصالح التبادل والتعاون الدولي، وفي هذا الصدد، نتفق على أهمية مبدأ التعاون كوسيلة لتحقيق الأهداف الواردة في الاستراتيجيات الوطنية وتنفيذ خطط تطوير وتحديث التعليم العالي.
لهذا السبب، نحن نعيد دفع “اتفاقية التعاون في المجال التربوي” التي وقعها البلدان في 18 مايو 2010، والتي ستسمح لنا بتطوير برامج لتبادل الأساتذة والطلاب بين المؤسسات الأكاديمية في فنزويلا ومصر في مستقبل غير بعيد.
كيف يمكن توسيع التعاون الإعلامي والفني بين البلدين، سواء عبر السينما أو الموسيقى أو الفنون البصرية؟
للتبادل الفني أهمية كبيرة في تعزيز التعاون الثقافي. تساهم الفنون بجميع أنواعها في تقريب الشعوب من بعضها البعض، فهي تمثل جسورًا للتفاهم المتبادل، والحفاظ على الهويات، وتعزيز التسامح. من خلال التعبير عن التقاليد والقيم والروايات، يغذي الفن الشعور بالانتماء ويحافظ على الموروث الثقافي، بينما يتحدى في الوقت نفسه التحيزات ويعزز التعاطف والتعايش السلمي عبر أشكال متنوعة من التعبير، مثل السينما والموسيقى والمظاهر السمعية البصرية ، لهذا السبب، سنواصل استغلال كل المساحات والأدوات لإنعاش دبلوماسيتنا الثقافية الناجحة.
رابعًا: البعد اللاتيني والعلاقات الشعبية
فنزويلا هي واحدة من دول أمريكا اللاتينية ذات الجذور العربية القوية… كيف تُنظر إلى وجود المجتمع العربي هناك؟
لنتذكر أن الوجود العربي في شبه الجزيرة الأيبيرية، الذي بدأ في القرن السادس، انتهى رسميًا في عام 1492، ولكن الإرث والتأثير العربيين نُقلا من قبل الإمبراطورية الإسبانية إلى ممتلكاتها الاستعمارية في أمريكا، بما فيها فنزويلا.
يتكون المجتمع العربي في فنزويلا بشكل رئيسي من مواطنين من أصل سوري وفلسطيني ولبناني. وصل إخوتنا العرب إلى فنزويلا على مدى عدة عقود، خاصة في أواخر القرن التاسع عشر وبعد الحرب العالمية الأولى. وتكثفت الهجرة بين عقدي الستينيات والسبعينيات. انهمك المهاجرون العرب بشكل رئيسي في التجارة، مما ساعد في تنشيط القطاع التجاري الفنزويلي. لقد اندمج تأثير المجتمع العربي في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، ليصبح مكونًا رئيسيًا للمجتمع الفنزويلي الحالي.
كيف تساهم فنزويلا في تعزيز العلاقات بين أمريكا اللاتينية والعالم العربي؟
من الواضح أن وجود إخوتنا العرب في فنزويلا ودول أخرى في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يشكل قوة بشرية لا تقدر بثمن لتعزيز الروابط بين الإقليمين، خاصة في مجال التبادل الاقتصادي والثقافي واللغوي والتعليمي بشكل عام.

خامسًا: رؤية مستقبلية والجانب الإنساني
ما هي الخطوات القادمة لتعميق العلاقات في السنوات المقبلة بعد 75 عامًا من الصداقة؟
نحن على يقين من أن توافقاتنا متعددة الأطراف، والحوار السياسي-الدبلوماسي المطوّر، والتبادلات الثقافية الدائمة، ستكون أدوات للتقدم نحو تقارب اقتصادي وتجاري أكبر. إن فنزويلا ومصر، كاقتصادين ناشئين وبلدين مدافعين عن المطالب المشروعة للجنوب العالمي، محتوم عليهما مواصلة العمل يدًا بيد لتقديم فرص أكبر والمساهمة في تحقيق السلام العالمي وازدهار الشعبين.
من الحتمي أن يتقاطع طريقا مصر وفنزويلا في المستقبل المتوسط أو الطويل لتوسيع آفاق تعاوننا الناجح، ومواصلة العمل باجتهاد ومثابرة لإنعاش هذه الروابط المتينة التي ستصل في عام 2050 إلى قرن من الوجود.
التحدي الرئيسي الذي يجب أن نتغلب عليه في الفترة القادمة، يتعلق ببعدنا الجغرافي، والذي يجب أن نراه كفرصة لتطوير حركة النقل الجوي المستقبلية بين أمتنا مما يسمح لنا بزيادة تدفق الأشخاص والمعاملات التجارية. من فنزويلا، أعربنا عن اهتمامنا بتمديد عمليات الخطوط الجوية الفنزويلية الحكومية CONVIASA في طريق كاراكاس-الجزائر لتمديدها إلى القاهرة. ونأمل في تحقيق هذا الطموح في مستقبل غير بعيد لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين بلدينا.

ما هو أكثر ما يلفت انتباهكم في الشعب المصري وحضارته؟
على الرغم من المسافة الجغرافية، فإن الشعب المصري النبيل محل تقدير واحترام كبيرين من قبل الشعب الفنزويلي، إذ نحن أمتان تربطنا قدرة مشترك فنحن نشارك في نضالات شعوب العالم الثالث ونتطلع إلى بناء عالم أكثر تكافلًا، وإلى تعزيز النظام متعدد الأطراد والنظام الدولي وإلى توسيع التعاون بين بلدان الجنوب.
فنزويلا، يعد دراسة التاريخ العالمي جزءًا رئيسيًا في المناهج الأساسية لنظامنا التعليمي. فالحضارة الألفية لمصر، باعتبارها مهد الحضارة الإنسانية، تُدرس في المستويات الأساسية للتعليم المدرسي الفنزويلي، نظرًا لإسهاماتها الأساسية في التطور الحضاري للعالم القديم والحديث. كل الشعب الفنزويلي يعي ويدرك أهمية هذه المساهمة الألفية للشعب المصري.
في العصر الحديث، ساهمت شخصية وأعمال الجنرال جمال عبد الناصر في تسهيل الفهم لدور مصر في الدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة شعوب الدول النامية، وخاصة عالمنا العربي. لقد تجاوزت جوهر الخطاب الناصري والقيادة المصرية الحدود الإقليمية لترسخ في قلوب شعوب العالم النامي، بما فيها فنزويلا.
الشعب المصري الشقيق يحمل سمعة طيبة مليئة بالكرم والود واللطف. إنه شعب ذو عزم ومثابرة واصرار، يسير على طريق التنمية بقيادة متميزة تحافظ على رؤية واضحة لتقدم وسعادة المجتمع المصري في الحاضر والمستقبل.
على المستوى الشخصي، كان امتيازًاحقيقيًا أن أشهد هذا اللحظة التاريخية للتحولات الكبرى التي تعيشها مصر، تحت القيادة الممتازة للرئيس عبد الفتاح السيسي. وأنا على يقين من أن هذه الجمهورية الجديدة ستقود المجتمع المصري إلى مراحل أعلى من التنمية والازدهار والسعادة، مضمونة مستقبلاً من التقدم والسلام للجميع.
إنه من الحتمي أن يلتقي مسارا مصر وفنزويلا في المستقبل المتوسط أو طويل المدى، لتعزيز آفاق تعاوننا الناجح، والاستمرار في العمل باجتهاد ومثابرة لتعزيز هذه الروابط المتينة التي ستبلغ عامها المائة بحلول 2050.
أهم التحديات التي يتعين علينا تخطيها في الفترة المقبلة تتعلق بالبعد الجغرافي، والذي يجب أن نستغله كفرصة لتطوير حركة النقل الجوي المستقبلية بين بلدينا، مما يتيح لنا زيادة تدفق الأفراد والمعاملات التجارية. من جانب فنزويلا، أعربنا عن اهتمامنا بتمديد عمليات الخطوط الجوية الفنزويلية الحكومية CONVASA على خط كاراكاس-الجزائر ليمتد حتى القاهرة. ونأمل أن نحقق هذا الطموح في مستقبل غير بعيد، لوضع مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين بلدينا.

كيف تري التهديد الاستعماري الذي يسعى إلى المساس بسيادة فنزويلا والذي يشكّل اعتداءً جديدًا غريبًا وغير قانوني وغير مبرّر ؟
إنّ جمهورية فنزويلا البوليفارية ترفض بشكل قاطع الرسالة العلنية التي نشرها اليوم رئيس الولايات المتحدة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والتي يسعى من خلالها إلى تطبيق السلطة الأميركية غير الشرعية خارج حدودها على فنزويلا، عبر محاولة إصدار أوامر وتهديد سيادة المجال الجوي الوطني، والسلامة الإقليمية، وأمن الطيران، والسيادة الكاملة للدولة الفنزويلية.
إن هذا النوع من التصريحات يشكّل فعلًا عدائيًا، أحاديًا وتعسفيًا، ويعدّ مخالفًا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي، ويأتي في سياق سياسة دائمة من العدوان ضد بلادنا، ذات نزعة استعمارية تجاه منطقتنا منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، في تجاهل للقانون الدولي. وتدين فنزويلا أمام العالم هذه التصريحات التي تمثل تهديدًا صريحًا باستخدام القوة، وهو أمر محظور بشكل واضح وصريح بموجب المادة 2، الفقرة 4، من ميثاق الأمم المتحدة.
إن محاولة الترهيب هذه تنتهك أيضًا المادة 1 من الميثاق المذكور، التي تنص على أن الهدف الأساسي هو الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
تطالب فنزويلا بالاحترام الكامل لمجالها الجوي، المحمي وفقًا لقواعد منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) والمكرّس في اتفاقية شيكاجو لعام 1944، والتي تنص مادتها الأولى بوضوح على أن “لكل دولة سيادة حصرية ومطلقة على الفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها”.
تحذر الحكومة البوليفارية من أن فنزويلا لن تقبل الأوامر أو التهديدات أو التدخلات القادمة من أي قوة أجنبية. فلا تمتلك أي سلطة خارجية عن المؤسسات الفنزويلية الصلاحية للتدخل أو العرقلة أو فرض الشروط على استخدام المجال الجوي الوطني.
من خلال هذا الإجراء، أوقفَت حكومة الولايات المتحدة، بشكل أحادي، الرحلات الجوية الخاصة بالمهاجرين الفنزويليين التي كانت ترسل بانتظام وبشكل أسبوعي في إطار خطة “العودة إلى الوطن”. وحتى الآن، تم تنفيذ 75 رحلة لإعادة 13,956 مواطنًا ومواطنة فنزويليين، وقد تم استقبالهم بكل محبة وتضامن مطلق.
نوجّه نداءً مباشرًا إلى المجتمع الدولي، وإلى حكومات العالم ذات السيادة، وإلى الأمم المتحدة والهيئات المختصة متعددة الأطراف، لرفض هذا العمل غير الأخلاقي الذي يُعادل تهديدًا ضد سيادة وأمن وطننا، ومنطقة الكاريبي، وشمال أميركا الجنوبية. ستعرف فنزويلا كيف ترد بكرامة، وبشرعية، وبكل القوة التي يمنحها القانون الدولي والروح المناهضة للإمبريالية لدى شعبنا.
ستواصل فنزويلا ممارسة سيادتها ، المحمية بموجب القانون الدولي، بشكل كامل على كامل مجالها الجوي. إن هذا التهديد ضد فنزويلا هو تهديد ضد السلام في قارتنا وضد شعوبنا، ورثة المحرر سيمون بوليفار، الذين سينتصرون.
أخيرًا، ما الرسالة التي تريدون إيصالها للشعب المصري في هذه المناسبة التاريخية؟
مصر دولة شقيقة وكلتا الأمتين قد شقنا طريقًة مشتركًا على مدى 75 عامًا، وهي مناسبة نغتنمها لتمنى لهم أقصى درجات الازدهار والتقدم والرفاهية وأعلى درجات النجاح في الأوقات المقبلة. رئيسنا نيكولاس مادورو، باسم شعب فنزويلا، يتمنى لكم أن تواصلوا طريق السلام والصحة والمحبة؛ معيدين تأكيد عزمنا على مواصلة العمل بحزم وتفانٍ لتعزيز وتنويع علاقاتنا الثنائية المثمرة، تحت مبادئ الأخوة والتعاون والاحترام المتبادل.

