محمد الإتربي يرصد أبرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي العربي
القاهرة -خاص-
قال محمد الإتربي رئيس اتحاد المصارف العربية، رئيس اتحاد بنوك مصر، إن القطاع المصرفي العربي يواجة مجموعة من المخاطر والتحديات في البيئة التشغيلية الراهنة، والتي يمكن أن يكون لها انعكاسات كبيرة على أدائه واستقراره، من أهمها في المجال الاقتصادي ارتفاع معدل التضخم في بعض الدول مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية ويؤثر على قدرة الأفراد والشركات على سداد القروض، مما يمكن أن يزيد من معدلات التعثر ويؤثر سلبًا على جودة الأصول لدى البنوك.
وأضاف الإتربي، خلال الملتقى السنوي لرؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية، أن تقلبات سعر الصرف تنعكس على قيمة الأصول والخصوم بالعملات الأجنبية، ويزيد من صعوبة سداد الديون بالنقد الأجنبي مما يزيد من مخاطر السوق للبنوك، ويؤدي إلى زيادة تكاليف الاستيراد وتضخم التكاليف التشغيلية للشركات، مما يؤثر على قدرة هذه الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك.
وأضاف أن بعض الدول العربية تواجه تباطؤ النمو الاقتصادي؛ مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على الائتمان والاستثمار، مما يؤثر على ربحية البنوك، ويؤدي إلى زيادة معدلات البطالة، مما ينعكس على قدرة الأفراد على الوفاء بالتزاماتهم المالية.
ولفت إلى أن التغيرات تؤثر في أسعار الفائدة على هوامش الربح للبنوك، حيث تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكلفة التمويل، فضلا عن أنه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يمكن أن ترتفع معدلات التعثر، مما ينعكس على جودة الأصول ويؤدي إلى زيادة مخصصات الديون المعدومة.
قال إن هذه المخاطر قد تؤدى إلى تراجع ربحية البنوك نتيجة زيادة تكلفة التمويل، وارتفاع المخصصات، وتباطؤ نمو الائتمان، وتآكل رأس المال المصرفي، مما يؤثر على الملاءة المالية للبنوك، وبالتالي تحتاج البنوك إلى تعزيز ممارسات إدارة المخاطر، وتحسين كفاءة العمليات، والاستثمار في التحول الرقمي لتعزيز قدرتها على التكيف مع البيئة التشغيلية المتغيرة.
وأكد رئيس اتحاد المصارف العربية، إن البنوك التقليدية تواجه تحديات متزايدة من شركات التكنولوجيا المالية التي دخلت السوق بقوة خلال السنوات الأخيرة، والتي تقدم خدمات مالية مبتكرة، مما يجذب فئات جديدة من العملاء وخاصة الشباب والمهتمين بالتكنولوجيا، خاصة في مجالات مثل المحافظ الإلكترونية، والمدفوعات عبر الهواتف المحمولة، والتحويلات السريعة والمنخفضة التكلفة.
وأوضح أن شركات التكنولوجيا المالية توفر منصات للإقراض المباشر للأفراد والشركات الصغيرة، مع استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الجدارة الائتمانية بسرعة وتقديم قروض بفائدة تنافسية.
لفت إلى أنه رغم هذه التحديات، يتمتع القطاع المصرفي العربي بأساسيات قوية وإجراءات تنظيمية تدعم استقراره، إلا أن الاستمرار في تعزيز ممارسات إدارة المخاطر والابتكار سيكون أساسيًا للحفاظ على مرونته واستدامته، وقد قامت البنوك المركزية العربية بدور كبير في التعامل مع هذه المخاطر .
أشار إلى أن إدارة المخاطر في البنوك العربية تشهد تطورات ملحوظة، خاصة في استخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي على سبيل المثال، يمكن للبنوك استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل المعاملات المالية، رصد الإشارات التحذيرية، متابعة أخبار السوق، وتقييم تغيرات أسعار الأصول، هذه التقنيات تساعد البنوك في تحسين قدرتها على التنبؤ وإدارة المخاطر بفعالية، من خلال جمع وتحليل البيانات المتعلقة بمخاطر المناخ والمجالات الأخرى ذات الصلة ، حيث أصبحت إدارة المخاطر والاستدامة موضوعًا حيويًا في القطاع المصرفي العالمي.
وتعي مصارفنا العربية الآن أن المخاطر البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أدائها المالي وسمعتها، وتحرص على الالتزام بالمعايير الدولية، حيث تتبنى البنوك معايير مثل مبادئ الأمم المتحدة للتمويل المسؤول، والمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، وتسعى لتقييم المخاطر البيئية والاجتماعية .
وفيما يتعلق بمجال المدفوعات الرقمية، فإن البنوك تحرص على تبنى أحدث المعايير الدولية لأمن المعلومات وحماية البنية التحتية التكنولوجية من الهجمات السيبرانية، وتعتمد على خطط استمرارية الأعمال وخطط التعافي من الكوارث، بالإضافة إلى إجراء اختبارات دورية لضمان جاهزية الأنظمة، كما تعمل جاهدة على رصد الأنشطة غير الطبيعية للكشف عن محاولات الاحتيال ومنعها، وتثقيف العملاء حول كيفية حماية معلوماتهم الشخصية ومراقبة حساباتهم.
أما في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) فيتزايد اعتماد البنوك على تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين عملياتها وتعزيز الخدمات المقدمة للعملاء، من استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات مثل التحليل الائتماني، والكشف عن الاحتيال، وخدمة العملاء من خلال الدردشة الذكية.
وتبرز مجموعة من المخاطر المرتبطة باستخدام هذه التقنيات، تتضمن إدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي في البنوك مجموعة من الإجراءات لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنيات من بينها قيام البنوك بفحص نماذج الذكاء الاصطناعي بانتظام، كما تقوم بالامتثال للوائح حماية البيانات مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، وقوانين الخصوصية المحلية لحماية بيانات العملاء، كما تقوم باستخدام تقنيات مثل إخفاء الهوية والتشفير لضمان حماية بيانات العملاء أثناء المعالجة والتحليل.
ويتعين على البنوك إجراء مراجعة بشرية للقرارات التي تؤثر بشكل كبير على العملاء مثل قرارات الائتمان لضمان العدالة والشفافية، وإجراء اختبارات جودة شاملة على أنظمة الذكاء الاصطناعي لضمان أدائها الصحيح واستقرارها في ظروف التشغيل المختلفة، ومن خلال إدارة هذه المخاطر بفعالية، يمكن للبنوك تحقيق فوائد الذكاء الاصطناعي مع تقليل المخاطر المرتبطة به، مما يساعدها على تعزيز كفاءة عملياتها وتحسين تجربة العملاء بطريقة آمنة ومسؤولة.