مقالات رأي

ناصرعبدالحفيظ يكتب وداعا ذاكرة المسرح المصري عمرو دوارة

 

بمزيد من الحزن والأسى، تنعى فرقة المسرح المصري ومؤسسها ناصرعبدالحفيظ بقلوب مؤمنة بقضاء الله، رحيل الدكتور عمرو دوارة — الناقد والمخرج والمؤرخ المسرحي الكبير، ومؤسس مهرجان المسرح العربي والجمعية المصرية لهواة المسرح — الذي رحل عن عالمنا صباح الخميس 9 أكتوبر 2025 بعد مسيرة حافلة بالإبداع والعطاء امتدت لأكثر من أربعة عقود.

يُعد الراحل عمرو دوارة أحد أهم الأسماء في عالم المسرح المصري والعربي، إذ كرس حياته لتوثيق وتاريخ الحركة المسرحية، وترك بصمة خالدة في مجالات النقد، والتأليف، والإخراج. وقد أثرى المكتبة العربية بعشرات المؤلفات والدراسات التي أرخت لمسيرة المسرح المصري والعربي، واستحق بجدارة لقب «حارس الذاكرة المسرحية».

أخرج دوارة أكثر من خمسةٍ وستين عرضًا مسرحيًا، نصفها تقريبًا ضمن فرق مسارح الدولة، بينما أخرج النصف الآخر لمجموعات الهواة والفرق المستقلة، وكان أحد تلاميذ المخرج الكبير كرم مطاوع الذي عمل معه مخرجًا منفذًا في فرقة المسرح القومي. ومن أبرز أعماله «وهج العشق»، «خداع البصر»، و*«عصفور خايف يطير»*.

كما أسس عام 1982 الجمعية المصرية لهواة المسرح التي تولى رئاستها في عدة دورات، فكانت بيتًا للمواهب الشابة ومنطلقًا للحركة المسرحية الحرة في مصر والوطن العربي. ومن خلالها أطلق مهرجان المسرح العربي الذي جمع تحت مظلته مئات الفرق والمبدعين العرب، وكان منبرًا للتبادل الثقافي والفني.

وكان لي الشرف — كأحد أبناء هذا المسرح — أن أشارك تحت قيادته في إحدى دورات مهرجان المسرح العربي، حيث حصلت على جائزة أفضل ممثل عن دوري في مسرحية «وجوه»، بمسرح الهناجر دار الأوبرا المصرية وسافرنا سويًا ممثلين لمصر إلى دولة الكويت ضمن فعاليات مهرجان مسرح الشباب الذي نظمته أكاديمية الفنون بالكويت. كانت تلك التجربة تجسيدًا لروح دوارة المؤمنة بأن المسرح رسالة تتجاوز الحدود وتوحّد الشعوب.

لم يتوقف عطاؤه عند الإخراج أو النقد؛ فقد أصدر أكثر من خمسة وثلاثين كتابًا في الفنون المسرحية، من بينها «موسوعة المسرح المصري المصورة» و*«موسوعة سيدات المسرح المصري»*، وكتب أكثر من ألف مقال ودراسة نقدية، إلى جانب مبادرته المهمة للاحتفال بمرور 150 عامًا على نشأة المسرح المصري الحديث بفضل ريادة يعقوب صنوع عام 1870، وهي المبادرة التي تبنتها وزارة الثقافة لاحقًا.

نال الراحل جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2022 تقديرًا لمسيرته الطويلة وجهوده في توثيق وتطوير المسرح المصري والعربي، فضلًا عن عشرات التكريمات في المهرجانات المحلية والدولية.

إن فرقة المسرح المصري إذ تنعى فقيدها الجليل، تتقدم بخالص العزاء إلى أسرته الكريمة، وإلى زملائه وتلاميذه ومحبيه في مصر والوطن العربي، سائلين الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجزيه خير الجزاء عما قدمه من إخلاص وعلم ووفاء لفن المسرح، وأن يلهمنا جميعًا الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون

المكتب الإعلامي – فرقة المسرح المصري