موسكو والقاهرة.. تنسيق أمني واقتصادي رفيع المستوى يفتح آفاق شراكة استراتيجية جديدة

زيارة سيرغي شويغو تؤكد عمق العلاقات بين مصر وروسيا ومسارها المتصاعد في الملفات الإقليمية والدولية
احمد دياب
في خطوة جديدة تعكس متانة العلاقات المصرية الروسية واتساع مسارات التعاون بين البلدين، وصل سكرتير مجلس الأمن لروسيا الاتحادية سيرغي شويغو إلى القاهرة يوم 9 نوفمبر 2025 في زيارة عمل رسمية على رأس وفد رفيع يضم كبار ممثلي المؤسسات الحكومية الروسية.
وكان في استقباله بمطار القاهرة الدكتورة فايزة أبو النجا، مستشارة رئيس جمهورية مصر العربية لشؤون الأمن القومي، إلى جانب السفير الروسي في القاهرة جيورجي بوريسينكو، في استقبال يعكس أهمية الزيارة ومكانتها ضمن أجندة العلاقات الثنائية.
لقاءات رفيعة المستوى مع القيادة المصرية
من المقرر أن يجري شويغو خلال زيارته لقاءً مع فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى سلسلة مباحثات مع كل من الدكتورة فايزة أبو النجا، ووزير الخارجية بدر عبد العاطي، والفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي.
كما تشمل المباحثات لقاءات مع رؤساء أجهزة أمنية ومؤسسات استراتيجية، بهدف بحث الملفات ذات الاهتمام المشترك ومناقشة سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات الحيوية.
ملفات التعاون الأمني والعسكري والتقني
وفقًا لبيانات رسمية، يتصدر التعاون العسكري والعسكري التقني جدول أعمال المباحثات بين الجانبين، حيث تسعى القاهرة وموسكو إلى تفعيل الاتفاقيات الموقعة على أعلى المستويات، ومتابعة تنفيذ برامج التعاون المشترك في مجالات التدريب والتصنيع ونقل التكنولوجيا الدفاعية.
وسيتم التركيز كذلك على توسيع قنوات الحوار الأمني بين أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات في البلدين، بما يشمل تعزيز أمن المعلومات، ومكافحة الإرهاب والتطرف العابر للحدود، والجريمة المنظمة، وهي ملفات تكتسب أهمية متزايدة في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة.
مشاركة مؤسسات روسية كبرى
ويضم الوفد الروسي ممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية والعدل والصناعة والتجارة، إلى جانب هيئات كبرى مثل الهيئة الفيدرالية للخدمات المالية والجمارك، و”روسفينمونيتورينغ”، والحرس الوطني الروسي، و”روسوبورون إكسبورت”، و”روسكوسموس”، و”روساتوم”، وغيرها من المؤسسات المعنية بالتعاون الدولي والاستثمارات.
تعزيز الشراكة الاقتصادية والطاقة والغذاء
على الصعيد الاقتصادي، ستشهد المباحثات مناقشة سبل تنفيذ المشاريع الروسية الاستراتيجية في مصر، خاصة في مجالات الطاقة النووية والتكنولوجيا المتقدمة والتصنيع المحلي.
كما سيتم التطرق إلى قضايا الأمن الغذائي والتبادل التجاري، بما في ذلك زيادة صادرات القمح الروسي لمصر وتوسيع التعاون في مشروعات المنطقة الصناعية الروسية بشرق بورسعيد، التي تمثل أحد أهم ركائز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
توافق في الرؤى حول القضايا الدولية
سيبحث الجانبان أيضًا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، خاصة ما يتعلق بالأزمات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، ودور القاهرة وموسكو في دعم الاستقرار والأمن العالمي، إضافة إلى مناقشة إصلاح منظومة الأمن الدولي وتعددية الأقطاب التي تدعو إليها روسيا وتدعمها مصر ضمن رؤيتها المتوازنة للعلاقات الدولية.
قراءة في أبعاد الزيارة
يرى مراقبون أن زيارة شويغو إلى القاهرة في هذا التوقيت تحمل دلالات استراتيجية، إذ تعكس إرادة سياسية متبادلة لتطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة الشاملة، وتعزيز الحضور الروسي في المنطقة العربية من خلال بوابة مصر التي تعد أحد أهم مراكز التوازن الإقليمي.
كما تشير الزيارة إلى رغبة متبادلة في تنويع مسارات التعاون بعيدًا عن الأطر التقليدية، من خلال مشاريع ملموسة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والفضاء، وهو ما يرسخ مفهوم العلاقات المصرية الروسية القائمة على الندية والمصالح المشتركة.
تأتي زيارة سكرتير مجلس الأمن الروسي إلى القاهرة لتؤكد أن العلاقات المصرية الروسية تدخل مرحلة جديدة من التكامل والتفاهم، تمتد من الأمن والدفاع إلى الاقتصاد والتكنولوجيا، مما يجعلها نموذجًا للعلاقات الاستراتيجية المتوازنة في عالم يشهد تحولات عميقة في موازين القوى الدولية.
