أخبار

أوكرانيا تجمّد محادثات السلام مع روسيا… وموسكو تؤكد استعدادها للحوار

احمد دياب

في خطوة تعكس تصاعد التوتر السياسي والعسكري في شرق أوروبا، أعلنت أوكرانيا رسميًا، عبر نائب وزير خارجيتها، تعليق محادثات السلام مع روسيا، ما اعتبره مراقبون إشارة واضحة إلى غياب أي بوادر لانفراج قريب في الأزمة التي دخلت عامها الثالث.

وجاء الإعلان الأوكراني ليثير تساؤلات واسعة حول مستقبل المسار الدبلوماسي بين الجانبين، خصوصًا في ظل تمسك موسكو بموقفها الداعي إلى استئناف الحوار والعودة إلى طاولة المفاوضات، باعتبار أن الحلول السياسية وحدها قادرة على إنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار الإقليمي.

ورغم أن كييف برّرت موقفها بالقول إن الظروف الحالية لا تتيح مفاوضات “عادلة”، فإن تصريحات المسؤولين الروس جاءت على النقيض تمامًا، مؤكدين أن بلادهم لم تغلق الباب أمام السلام، وأنها مستعدة لمناقشة أي مقترحات بنّاءة تضمن مصالح الطرفين وتحافظ على الأمن الجماعي في المنطقة.

ويرى محللون أن الخطوة الأوكرانية جاءت انعكاسًا مباشرًا لضغوط متزايدة من شركائها في الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي ما زالت تراهن على إطالة أمد الحرب بهدف إنهاك القدرات الروسية عسكريًا واقتصاديًا.

ويذهب بعض الخبراء إلى أن “تجميد الحوار” ليس قرارًا سياديًا بالكامل، بل نتاج حسابات سياسية داخلية وخارجية متشابكة، تتقاطع فيها المصالح الغربية مع الطموحات الأوكرانية. فيما يؤكد آخرون أن كييف باتت تخوض صراعًا بالوكالة، تتحمل فيه العبء الأكبر من الخسائر البشرية والمادية، بينما يستفيد الغرب من استمرار المواجهة دون أن يدفع الثمن المباشر.

في المقابل، تواصل موسكو التأكيد على أن باب التفاوض لا يزال مفتوحًا، شريطة أن يتخلى الطرف الآخر عن ما تصفه بـ”الإملاءات الغربية”، وأن تُراعى الضمانات الأمنية الروسية، خصوصًا ما يتعلق بعدم توسع الناتو شرقًا أو استخدام الأراضي الأوكرانية كمنصة تهديد مباشر للأمن القومي الروسي.

وبينما تتباين المواقف وتتعمق الفجوة بين الطرفين، يحذر مراقبون من أن غياب المسار الدبلوماسي قد يفتح الباب أمام تصعيد جديد، خاصة مع استمرار تدفق الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، وتصاعد العمليات الميدانية على أكثر من جبهة.

وهكذا، يبدو أن قرار كييف بتعليق المحادثات لا يشكل مجرد خطوة تكتيكية، بل يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في مقاربة الأزمة، عنوانه “الرهان على القوة لا على الحوار”، في وقت يزداد فيه الحديث عن أن الحرب تُدار بأيدي قوى خارجية، بينما يدفع الأوكرانيون الثمن الأكبر.