تقارير

البن الهندي في القاهرة.. سفير الهند : السوق المصرية تعد من الأسواق الواعدة والمهمة

 

وقصة «مالابار مونسون» التي صنعت شهرة القهوة الهندية عالميًا

احمد دياب 


جاءت فعالية الترويج للبن الهندي التي استضافتها القاهرة لتؤكد عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والهند، ولتعكس في الوقت ذاته البعد الثقافي والإنساني الذي تحمله تجارة البن، باعتبارها واحدة من أقدم السلع التي ربطت بين الشعوب وأسهمت في تشكيل عاداتها اليومية. ولم تكن الفعالية مجرد حدث ترويجي لمنتج بعينه، بل منصة مهمة لإبراز فرص التعاون المشترك وفتح آفاق جديدة للتبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، خاصة في قطاع القهوة والصناعات الغذائية المرتبطة به، في ظل تنامي الطلب داخل السوق المصري على النكهات المتنوعة وتجارب القهوة المختلفة.

وخلال كلمته، استعرض سعادة السفير سوريش كيه ريدي، سفير الهند بالقاهرة، المكانة التاريخية التي يحتلها البن الهندي في الأسواق العالمية، متناولًا قصة شهرته وانتشاره في أوروبا، ولا سيما بن «مالابار مونسون» الذي يُعد أحد أشهر وأميز أنواع القهوة الهندية. وأوضح أن هذا الصنف اكتسب نكهته الفريدة تاريخيًا نتيجة رحلات الشحن البحرية الطويلة التي كانت تستغرقها حبوب البن من السواحل الهندية إلى أوروبا خلال موسم الرياح الموسمية، قبل افتتاح قناة السويس، حيث كانت الحبوب تتعرض للرطوبة والهواء البحري لفترات ممتدة، ما منحها خصائص حسية مميزة من حيث الطعم والرائحة وأسهم في بناء سمعته العالمية.

وأشار السفير إلى أن التطور الذي شهدته وسائل النقل واختصار زمن الشحن لم يؤديا إلى فقدان هذا الطابع التقليدي، إذ حرص المنتجون في الهند على إعادة إنتاج الظروف المناخية نفسها داخل مخازن مخصصة تحاكي تأثير الرياح الموسمية، حفاظًا على النكهة الأصيلة التي ارتبط بها هذا النوع من البن. وأسهم هذا التوجه في ترسيخ مكانة البن الهندي عالميًا، باعتباره منتجًا يجمع بين الجودة العالية والهوية التاريخية، وقادرًا على المنافسة في مختلف الأسواق الدولية.


وأكد السفير الهندي  سوريش كيه ريدي أن السوق المصرية تُعد من الأسواق الواعدة والمهمة للبن الهندي، في ظل اقتصاد يتسم بالحيوية والديناميكية، إلى جانب تركيبة سكانية يغلب عليها الشباب، الذين تتغير أذواقهم باستمرار ويتجهون نحو استكشاف نكهات جديدة وتجارب مختلفة في عالم القهوة. وأوضح أن هذا التحول في أنماط الاستهلاك يفتح المجال أمام فرص كبيرة لزيادة صادرات البن الهندي إلى مصر، سواء في صورته الخام أو ضمن منتجات ذات قيمة مضافة أعلى، بما يخدم مصالح الطرفين ويعزز من حجم التبادل التجاري.

كما عبّر السفير  الهندي عن تقديره للتعاون القائم مع الشركاء المصريين من مستوردين ومصنعين، مؤكدًا أن العلاقات التجارية بين مصر والهند لا تقوم فقط على تبادل السلع، بل تمتد لتشمل تبادل الخبرات وبناء شراكات طويلة الأمد. ودعا إلى تعزيز قنوات التواصل بين مجتمعي الأعمال في البلدين، وتكثيف اللقاءات والفعاليات المشتركة، بما يسهم في توسيع مجالات التعاون الاستثماري ورفع معدلات التبادل التجاري خلال المرحلة المقبلة.

 


ومن جانبه، أكد حسن فوزي، رئيس شعبة البن بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن البن الهندي يُعد عنصرًا أساسيًا في صناعة القهوة داخل السوق المصري، خاصة في خلطات القهوة التركية التي تحظى بإقبال واسع لدى المستهلكين. وأوضح أن البن الهندي يتميز بقوام متوازن ونكهة مستقرة، ما يجعله مكونًا مهمًا في تحسين جودة الخلطات النهائية والحفاظ على الطابع الذي يفضله المستهلك المصري، مشيرًا إلى أن الاعتماد عليه ساهم في استقرار جودة المنتج عبر سنوات طويلة.
وأشار فوزي إلى أن مصر تستورد البن الهندي منذ عقود، وأنه أصبح جزءًا راسخًا من منظومة صناعة القهوة المحلية، لافتًا إلى أن تنوع أصنافه بين الروبوستا والأرابيكا يمنح المصانع مرونة كبيرة في إعداد توليفات متعددة تلبي مختلف الأذواق والشرائح السعرية. وأضاف أن البن الهندي يشكل نحو 25% من واردات بعض المصانع العاملة في السوق المصري، مع وجود خطط واضحة لزيادة هذه النسبة مستقبلًا، في ضوء الثقة المتزايدة في جودة المنتج الهندي وقدرته على تلبية احتياجات السوق.

وشدد رئيس شعبة البن على أن تجارة القهوة تتجاوز كونها نشاطًا اقتصاديًا بحتًا، لتصبح جسرًا للتواصل الثقافي بين الشعوب، مشيدًا بالدور الذي يقوم به سعادة السفير في دعم التعاون المشترك وتعزيز العلاقات الثنائية. كما أكد أهمية مواجهة التحديات التي تواجه هذا القطاع، وفي مقدمتها تذبذب توافر بعض الأصناف وارتفاع أسعار التوابل ومدخلات الإنتاج عالميًا، من خلال مزيد من التنسيق والتعاون بين الشركاء، بما يسهم في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والهند ودعم النمو الاقتصادي المستدام.

ويؤكد هذا الحدث أن فعالية الترويج للبن الهندي بالقاهرة لم تكن مجرد مناسبة احتفالية، بل خطوة عملية نحو تعميق التعاون المصري الهندي في قطاع واعد يجمع بين الاقتصاد والثقافة، ويفتح آفاقًا جديدة للتكامل والتوسع، في ظل تنامي الاهتمام بالقهوة وتنوعها داخل السوق المصري، بما يعزز العلاقات الثنائية ويدعم فرص التنمية المشتركة خلال المرحلة المقبلة.