منوعات

مجلة الصقّار: دور علمي رائد للإمارات في بحوث إكثار الصقور

تلبية الاحتياجات المُتزايدة للصقارين للمُشاركة في مُسابقات الصقارة والمقناص

القاهرة -أحمد دياب-

أبوظبي .خاص-

سلّط العدد الخاص من مجلة “الصقّار” الذي أصدره نادي صقّاري الإمارات بمناسبة الدورة الـ 21 من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية التي اختتمت أمس الأحد، الضوء على الدور العلمي الرائد لدولة الإمارات في بحوث إكثار الصقور، والمشاريع التي أنشأتها أبوظبي ونجحت في إنتاج الآلاف من الصقور المُكاثرة في الأسر داخل وخارج الإمارات، وذلك فضلاً عن تطوير طرق مُناسبة لتدريبها على الصيد من قبل فرق مُتخصصة.

وبتوجيهات من القيادة الرشيدة للاستفادة من إكثار الصقور في الأسر من أجل الاستخدام المُستدام لها وتخفيف الضغط على الصقور البرية المُهدّدة بالانقراض، فقد مثّل إكثار الصقور في الأسر ثورة حقيقية في رياضة الصيد بالصقور وفي استدامة وإحياء هذا التراث الأصيل.

ويُعتبر تدريب الصقور المُكاثرة في الأسر على التحليق بحرية في الجو الخطوة الأهم في برنامج الإكثار عبر نظام علمي مدروس، فمن خلاله تترك الفراخ الصغيرة مؤقتاً في الطبيعة حتى تكبر وتنضج فيزيائياً وذهنياً.

وتدعم أبوظبي الأبحاث والدراسات الجينية للصقور، وقد تمكنت من خلال التعاون مع مجموعة الاستشارية للحياة البرية وجامعة كارديف ومعهد بكين للدراسات الجينية، من تحديد التركيبة الجينية لصقور الحر الأوراسية وصقر الشاهين، وتحديد الجينات ذات العالقة بتحديد ألوان الريش في صقور الجير، وكذلك استخدام خصائص الحمض النووي DNA لاختيار أفراد من صقور الحر ودراسة مقدرتها على البقاء في منغوليا، إضافة لاكتشاف الخريطة الكلية لجينوم الصقر الحر وصقر الشاهين.

وقد سعى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، للتحوّل من استخدام الصقور البرية إلى الصقور المكاثرة في الأسر بدءاً من العام 1995، لتُصبح دولة الإمارات بعد ذلك بسنوات البلد الأول في الشرق الأوسط الذي يعتمد كلياً على استخدام الصقور المكاثرة في رياضة الصيد بالصقور.

وبالتوازي مع ذلك، وفي ذات العام، تمّ الإعلان عن برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور، بهدف المحافظة على أعداد الصقور في البرية من خلال إتاحة الفرصة لها للتكاثر في مناطقها الأصلية.

ويعزو خبراء إماراتيون ودوليون نجاح جهود استخدام الصقور المُكاثرة في الأسر في رياضة الصقارة، وبالتالي التزايد الملحوظ في عدد مزارع الصقور في العالم وتوسّع وتطوّر صناعتها، لجهود إماراتية بالدرجة الأولى تمثّلت في معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية الذي انطلق في العام 2003 بتنظيم من نادي صقاري الإمارات، وإعلان منظمة اليونسكو في العام 2010 عن تسجيل الصقارة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بفضل جهود دولية قادتها الإمارات، وهو ما منح هذه الرياضة العريقة مشروعية غير مسبوقة ساهمت في توسيع نطاق ممارستها.

وأكد معالي ماجد علي المنصوري الأمين العام لنادي صقاري الإمارات، رئيس الاتحاد العالمي للصقارة والمحافظة على الطيور الجارحة (IAF)، أنّ أبوظبي عملت بشكل مبكر على وضع استراتيجية فاعلة لاستدامة هذه الرياضة التراثية تعتمد على التوسّع بأنشطة إكثارها بالأسر، وإنتاج طيور ذات مواصفات عالية بأعداد كافية وبأسعار مناسبة للصقارين، وذلك بالتوازي مع تنفيذ خطة توعوية لهواة الصقارة من أجل الحفاظ على الصقور البرية، والحدّ من صيدها.

واعتبر المنصوري، أنّ هذه الجهود تؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة لأهمية المحافظة على التراث والصيد المُستدام من خلال العمل المتواصل والمكثف لتحقيق التوازن بين ما تنشده دولة الإمارات من نهضة شاملة، والحفاظ على موروثاتها الثقافية والاجتماعية في تجربة فريدة حازت إعجاب وتقدير العالم.

وقد ساهم استخدام الصقور المكاثرة في الأسر، لممارسة الصقارة في تخفيف الضغط على الصقور البرية، وتعزيز أعدادها. وساهمت جهود أبوظبي البحثية والعلمية في تحسين أنواع الصقور المنتجة بحيث أصبحت ذات مناعة أكثر للفطريات والأمراض، كما عملت على إنتاج أنواع مُنتخبة تمتاز بصفاتها المميزة في الصيد، وكذلك بصفاتها الجمالية.

معرض أبوظبي للصيد.. فرصة ثمينة لمالكي مزارع ومراكز إكثار الصقور في الأسر والعاملين في تجارتها

شكّل المعرض الدولي للصيد والفروسية الذي يُقام سنوياً بأبوظبي، فرصة مثالية ونادرة إقليمياً وعالمياً للترويج للصيد المُستدام، وذلك من خلال دعوة الآلاف من زوار المعرض من الصقارين المحليين والقادمين من منطقة دول مجلس التعاون الخليجي ومختلف أنحاء العالم لاستخدام الصقور التي يتم إكثارها في الأسر.

ونجح المعرض في تعزيز فكرة أنّ الصقور البديلة المكاثرة في الأسر أثبتت مقدرتها العالية في الصيد، وأنها لا تقل كفاءة وتميزاً عن الصقور البرية، في حال تمّ الاعتناء بها وتدريبها وفق أسس سليمة. وكان بعض مُربّي الصقور يبحثون عن الطيور التي يتم صيدها في الطبيعة بدل تلك التي تُكاثر وتُربّى في الأسر، وذلك بفعل الاعتقاد الخاطئ بأنها تتمتع بقدرات أفضل في الصيد، رغم عدم وجود أي أدلة علمية تعزز هذا الاقتناع.

وقد أدّى معرض أبوظبي للصيد دوراً رئيساً في تحوّل صقاري المنطقة للاستخدام شبه الكامل للصقور المُكاثرة في الأسر في رياضة الصقارة المتجذرة في عمق تراث دولة الإمارات، وبالتالي التوسّع في إنشاء مزارع الصقور حول العالم لتلبية الاحتياجات المُتزايدة لممارسة الصقارة.

مُسابقات وبطولات

ويُشكّل المعرض فرصة مهمة للصقارين ومزارع الصقور على حدّ سواء، حيث يتزامن موعد إقامته مع بدء موسم المقناص من جهة، وانطلاق موسم مُسابقات وبطولات الصيد بالصقور من جهة أخرى مع نهاية عام وبداية عامٍ آخر، حيث يرغب الصقارون باقتناء أفضل الصقور المكاثرة في الأسر للمُنافسة بها في الفعاليات المحلية والإقليمية، فضلاً عن استخدامها لممارسة الصقارة في المحميات التي تسمح بذلك.

ويأتي في طليعة تلك المُسابقات التي تُقتنى الصقور للمُشاركة بها على الصعيد المحلي، بطولة كأس صاحب السمو رئيس الدولة للصيد بالصقور، ومسابقات الصقارة في مهرجان الظفرة، وبطولة “تحديات الزاجل” في إمارة أبوظبي، وبطولة “فخر الأجيال للصيد بالصقور”، وبطولة فزاع للصيد بالصقور “التلواح” بتنظيم من مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث في دبي، فضلاً عن بدء الموسم السنوي لمحمية المرزوم للصيد من نوفمبر ولغاية فبراير حيث تفتح أبوابها أمام الصقارين وهواة الصيد التقليدي، وأيضاً فعاليات مدرسة محمد بن زايد للصقارة وفراسة الصحراء في رماح ومنتجع تلال بمنطقة العين، والتي تلقى إقبالاً واسعاً على تعلّم فن الصقارة العربية.

وتحوّل معرض أبوظبي للصيد والفروسية، إلى منصّة دولية تستعرض أجود أنواع الصقور المكاثرة في الأسر في أبوظبي بعد أن كان صقارو الإمارات والمنطقة يُسافرون للخارج لشراء الصقور من مزارع خاصة في أوروبا. حيث بات المعرض يوفر لهم في أبوظبي منصّة مثالية دولية لبيع وشراء الصقور المنتجة من أفضل مزارع إكثار الصقور في العالم.

“الصقّار”

مجلة “الصقّار” دورية تراثية علمية مُتخصّصة تُعنى بالصقارة والصيد المُستدام، صدرت عن نادي صقاري الإمارات، خلال الفترة من 2002 ولغاية 2007، وحققت انتشاراً واسعاً حتى وصلت أهم المكتبات العالمية، وما زالت نسخها السابقة تُطلب حتى اليوم باعتبارها موسوعة تراثية علمية بيئية تصلح للقراءة في أيّ وقت، مع تجدد الرغبة بمُعاودة إصدارها.

يقع العدد الخاص في 216 صفحة، ويتضمّن 25 باباً مُتنوّعاً ومُشوّقاً، تحوي 86 مادة تراثية وثقافية وعلمية، ما بين شؤون الصقارة في مختلف دول العالم، وبحوث وجهود صون الأنواع والحفاظ على البيئة، والتراث الثقافي والأدبي والتطوّرات العلمية الحديثة. ومن مواضيع العدد: الشيخ زايد والصيّد المُستدام، على خُطى زايد- محمد بن زايد.. رحلة الصقارة والأصالة مستمرة، معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية.. قصة نجاح، الإمارات واليابان.. جسر لحوار الثقافات، 5000 طالب تدرّبوا في مدرسة محمد بن زايد للصقارة وفراسة الصحراء، النساء في الصقارة.. طفرة عالمية، الصقور المُكاثرة في الأسر.. استدامة للصقارة وحماية لصقور البرّية، الذكاء الاصطناعي لحماية الصقور والأنواع المُهدّدة بالانقراض.